إن الآثار المترتبة من جراء فيروس كورونا (كوفيد-19) قد طالت وأضرت بالعديد من القطاعات وقد بدأت معالمها وتبعاتها تتكشف على الدول والمنشآت والأفراد في العالم والدول النامية على وجه الخصوص. فما هي الحلول الناجعة للتخفيف من وطأة الأعباء الاقتصادية والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي في الفترات القادمة؟ سؤال يؤرق الاقتصاديين وذوي الخبرة في خضم الرؤية الضبابية التي تخييم على الاقتصاد العالمي بأسره. إن الأنظار تتجه نحو المقرضين والمانحين بكونهم الداعم الرئيس في التصدي لتبعات هذه الجائحة عبر الدعم المادي وزيادة الاستثمارات التي تدفع بعجلة الاقتصاد للمضي قدماً نحو الانتعاش ماذا وإلا فإن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ستكون عائقاَ حقيقياً أمام الدول وسيستغرق التعافي الاقتصادي وقتاً طويلاً وقد يحتاج لأشهر ولربما سنوات.
إن معدلات النمو العالمي تتباطئ وهو ما يثير الفزع والقلق لنشوء صراعات تجارية محتملة قد تؤدي لمشكلات تتعلق بالملاءة المالية. والمثير للجدل ما قامت به العديد من الشركات حول العالم بإنهاء عقود موظفيها مما اضطر العديد من الموظفين لفقدان وظائفهم وتوقف مصدر كسب عيشهم ورزقهم جراء تدهور الوضع الاقتصادي وتوقف الأعمال والنشاط الاقتصادي. في الأزمات تلجأ الدول كعادتها للاقتراض من البنك الدولي الذي يشرع أبوابه بهدف التخفيف من الآثار الاقتصادية المدمرة التي تلحق بالدول مما يشكل عبئاً جديداً بتحمل الديون وفوائدها لأجل طويل المدى. إنَّ الجهات المقرضة بشكل عام تسعى لتحقيق عائد مرضي كالبنوك والصناديق ولكن في خضم هذه الجائحة التي أفقدت بعض القطاعات بريقها تماماً كالسياحة فلا بد من إعادة النظر في طريقة الإقراض وشروطه والتخفيف على الدول النامية من فوائد الديون وتشجيع الاستثمار.
لقد جاءت جائحة كورونا لتغير العديد من الأنماط المعاشة الصحية والتعليمية وحتى الاجتماعية وقد يستمر هذا الوضع لأجل غير مسمى ويبقى الأمل معقوداً على الاستثمار بشكل أساسي والدعم الحكومي الذي له الإسهام المباشر من التخفيف على التداعيات الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا عبر توفير البنية التكنولوجية اللازمة لإستدامة الأعمال والتعليم، والاهتمام بالصناعات المحلية التي من شأنها الاعتماد على الذات بزيادة الانتاج الصناعي والزراعي وتقليل الاستيراد وتوفير الوظائف للكفاءات والمهنيين واستيعاب البطالة وإنقاذ الاقتصاد.
وبرغم التأثر العالمي للتجارة بفرض الحواجز التجارية وقيود السفر وإلغاء رحلات الطيران، والتغير الحاصل في سلاسل التوريد العالمية نتيجة الإغلاق، وتأثر قطاعات التجزئة والنقل نتيجة إجراءات التباعد الاجتماعي لمنع انتشار الفيروس، إلا أنًّ الأمر يحتاج للمزيد من الوقت والجهد ويتطلب من الحكومات إتّخاذ تدابير عاجلة للحد من الضرر والخسائر وعملاً جاداً وشاقاً لإيجاد السبل من أجل التعافي الاقتصادي وتقليص الفجوة عبر تنفيذ خطط الطوارئ وتحفيز الاقتصاد والتخفيف من الاضرار الناجمة جراء هذا الوباء الصحي الذي بات يشكل عائقاً اجتماعيا واقتصادياً ويخلق أزمة سياسية أيضاً.
Haddad_hossam@hotmail.com
كورونا والدول النامية
11:07 9-6-2020
آخر تعديل :
الثلاثاء