عند مراقبة الأداء السياسي للدول في مرحلة جائحة كورونا والتي كانت ولا زالت وستبقى آثارها متمترسة في وعي الأمم ولا يمكن انتزاع ما استقر الوعي الجمعي الدولي ومحدداته الإنسانية والقيمية في كل العقود القادمة من التاريخ الإنساني لأن تلك المتغيرات والمتحولات قد وضعت الإنسانية امام سؤال محوري هل نحن نملك ناصية القيم الروحية والأخلاقية والسلوكية ام ان تلك القيم والثوابت والمحددات هي نتيجة لحركة التاريخ وليست من ثوابته هل الإنسان محور اصيل في التراكم الكمي للأرقام ام هو ملحق وسلعة غير ضرورية أو غير أساسية في سياق لعبة السوق وقوانينه من يستطيع ان يحدد محورية الانسان والتي تجسدت في التكريم اللاهوتي بكل معاييره وتفرعاته لابني ادم ان ما لفت النظر في سياق علاج مفهوم الفرد في هذا التكوين هو كرامة الانسان في الدين الإسلامي والتي اثبتها هذا الصدام التاريخي مع مكوناته الوجودية في تجل لا يمكن ان يكون أوضح مما تجلى في القرآن الكريم حول تكريم بني ادم وجعله خليفة لله في كل الوجود واولوية امام تعدد الخلائق فالله سبحانه وتعالى حينما كرم الانسان وجعله خليفة أي انه هو القادر المطلق على الوجود باذن الله في علاج كل المعضلات التي تواجه الخلق فتعدد الخلائق لا يعني توازيها مع من نفخ فيه من روحه.
من هنا فان ثبات الدين الإسلامي كمعالج حقيقي للبلاء يرتكز بمضمونه على ان بني ادم مكرم وقادر دون ريب او تشكيك او مغالاة بأن يجد دواء لكل داء لانه من بين كل الخلائق من يملك سمة العلم المستمدة من متعلقة طلاقة القدرة الإلهية في العليم اذن كل ما نسمعه وما يتردد من ان جائحة البلاء والوباء سوف تملك التمكين على الانسان فهذا لا يتوافق مع منطق الوجود لهذا نقول لا يمكنها باي شكل من الاشكال ان تنتصر على خليفة الله في الأرض فالله سبحانه وتعالى يتحدى الخلائق بآدم ولا يتحدى ادم بالخلائق فلا يمكن للخليفة المكرم ان يكون صغيرا مطواعا للخلائق.
من هنا فان كل ما يتداوله متملقو الوباء بانه يملك القدرة الحاسمة في السياق البشري هو خطأ جسيم يقزم من قدرة الانسان المكرم من الله على حسم هذا الصراع الطبيعي والتاريخي بين الانسان والوجود الإنساني بكليته اذن الانسان قادر ومن خلال كرامته على كل الخلائق على إيجاد الدواء لهذا الداء ولكنه أيضا يتعلم درسا حاسما بان مستقرات القيم الإنسانية من الوصايا العشر والفرقان لموسى وصولا الى الثوابت القيمية للرسالة المحمدية الشريفة هي الناظم الحقيقي للعلاقات البشرية والإنسانية والتي تجعل الابتعاد عنها ارضا خصبة للتلوث الذي اجتاح البشرية كلها والله سبحانه وتعالى يعطي الدروس لكل البشرية وتوابعها الإنسانية بانكم تحت امتحان حقيقي عندما يتطلب الامر حل معادلة الرقم والفرد ولذلك فالإنسان والإنسانية إن لم تكن محوراً حقيقياً للتطور الرقمي يصبح الرقم وافرازاته البلائية والوبائية هي من يشكل سلوككم البشري فإذا أردنا أن نعيد البوصلة الإنسانية الى محورها الحقيقي يجب أن نستوعب وان نفهم ان وحدانية الخالق وتعدد الخلائق هي ركيزة الوجود الإنساني بكليته فالعودة الى القيم الإنسانية السلوكية والبشرية وانسنتها من جديد هو من يصنع الفرق في معركتنا ضد الوباء والبلاء قال تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13)الحجرات.
مواضيع ذات صلة