بعدما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى، واجهت المسلمين قضية من يخلفه في حكم المسلمين، والقصة المعروفة في كتب السيرة والتاريخ ماذا حدث في سقيفة بني ساعدة، أصبح أبو بكر خليفة، وأوصى بعمر، وحدد عمر سبعة من الصحابة ليختاروا، واغتيل عثمان، واستلم الإمام علي، وخرج عليه معاوية، وانتهى الأمر باستشهاده، ووصلنا إلى عام الجماعة، وحدثت معركة كربلاء، واستشهد الإمام الحسين، وبدأ الشرخ في الأمة، بين تشيع سياسي تحول إلى تشيع مذهبي، وبين حكم وراثي أصبح عنواناً لانتقال السلطة، سارت عليه كل الخلافات الإسلامية حتى نهاية الدولة العثمانية، برزت لدينا الشورى كإطار يحدد أسلوب انتقال السلطة، وأصبحت البيعة العامة والخاصة عناوين كإطار للحكم، ونستطيع القول بكل ثقة، أن الشورى نضجت كإطار نظري، ولكنها لم تجد طريقها إلى التنفيذ لتصبح اسلوباً سلساً متفق عليه.
حسم الغرب أسلوب انتقال السلطة، بعد صراع طويل أيضاً من الإمبراطوريات والدكتاتوريات والإقطاع وحكم الكنيسة المقترن أيضاً بالآراء التي تؤدي إلى هيمنتها إلى ان ابتعد الساسة عملياً عن حكم الكنيسة، ليشقوا طريقهم في ديمقراطيات بعد أن كلفهم ذلك أيضاً دماءً وعداوات وحروب.
نحن في العالم العربي حاولنا أن نأخذ الديمقراطية، ولكننا أخذناها كديمقراطية اجرائية، أي شكل دون مضمون، وعندما تكون نتائج الديمقراطية ليست على المقاس، ترفض والتبريرات جاهزة لرفضها، وينطبق علينا قول الله تعالى (وبئر معطلة وقصر مشيد) وحتى الغرب عندما يريد أن يكسب شعبية الحاكم يشن علينا حروباً، والعناوين جاهزة، الإرهاب، أسلحة الدمار الشامل، ثم يعتذرون بعد ذلك، أنهم قد اخطأوا بحقنا.
الدماء التي تسيل شلالات على مستوى أقطار العالم العربي، كي تغير شكل الأنظمة السياسية، التي جاءت بديمقراطيات اجرائية، هي جزء من واقع يريد ديمقراطية حقيقية، وآخرون يريدون ديمقراطية ولكن على مقاسهم، انها الديمقراطية المكلفة، التي تأبى ان تأتي بطريقة سلسة، يصل فيها اصحاب الكفاية، وليس اصحاب الولاء المكلف الى موقع القرار، يستطيع كل مواطن ان يشعر انه جزء من وطن، يتمتع فيه بالمواطنة الحقيقية وليس على قاعدة (الوطن للأغنياء، والوطنية للفقراء).
مواضيع ذات صلة