كتاب

لماذا الآن.. ودوماً فجأة؟

تشتعل الاحداث هكذا ودوما فجأة وتتصاعد ردود الفعل وتتباين وتختلف الآراء والمواقف وتتباعد المسافات وتتغير الموازين وتتعدل الحسابات وتظهر التفاصيل ولكن يظل السؤال: لماذا الآن ودوما فجأة؟

ما حدث في لبنان لم يكن فجأة؛ رتبت ظروف لذلك بشكل متقن وتم استغلال المواقف لمصالح خفية، وإن كانت الأهداف الشعبية المعلنة صريحة وواضحة ومباشرة ووصلت إلى درجة من التطاول على السلطة والنظام بشكل غير مسبوق.

يتجدد السؤال ويظهر بأساليب ومظاهر عدة لإيجاد الإجابة عن مضمون ما يحدث للشارع والشعب في آن واحد ويتحول المسار إلى اتجاهات عكس التيار، فهل ما يحدث تباعاً في الدول العربية يأتي هكذا فجأة، يصحو الشعب في الشارع وتبدأ الفوضى ويحصل ما يكون من دمار أخلاقي ونفسي ومعنوي وتحطيم للبناء بسرعة وسهولة؟

ثمة محاولات ومؤامرات خفية وأجندات خاصة وراء ما يحدث في لبنان وبين ما حدث في العراق وليبيا وتونس واليمن ومصر من قبل؛ فليست النية الحسنة والبريئة من تدفع الجماهير للسهر في الشارع والحصول على وجبة ساخنة والصراخ أمام القنوات الفضائية بحرية مطلقة لا تمنعها الأخلاق من التريث لصالح البلاد بل تعطيها ذريعة للانقياد وراء نية سيئة وخبيثة للانقسام والتمزق والفتنة والانصياع لشروط صعبة ومخزية.

لا بد من الإشارة والاستفسار عمن يشعل الفتيل في الأزمات ويختفي فوراً وراء السحاب والمسافات ومشاهدة المنظر من الخارج وعبر الشاشات وكأن الحديث لا يعنيهم أبداً.

عندما تقع الكارثة، تتسابق التحليلات إلى الاستشهاد بتصريحات وأحاديث إعلامية لبعض المسؤولين وربط ذلك بما حدث والدلالة على أن مضمون التصريح جاء مطابقاً تماماً للسيناريو الفعلي على أرض الواقع، فهل لذلك من أساس سليم للقراءة التحذير بشكل مناسب ووعي كامل؟

ما حدث في لبنان درس ورسالة للجميع للانتباه والحذر واليقظة لمن يخطط بذكاء وخبث وفي الخفاء لتحقيق المصالح والمنافع بشكل مريح وعلى حساب الشعوب بمحض إ

رادتها لتدمير بلادها.

رسائل أخرى عديدة تلاحق المسيرات والثورات والانتفاضة والانتفاضات، بعضها تطال المسؤولين والصاق التهم والفضائح لهم وفتح النار عليهم دون هوادة فيما تطال المحاولات الأخرى عامة الناس وتشتت وتشل تفكيرهم وسعيهم نحو لقمة العيش.

لا تأتي الأمور هكذا فجأة، ثمة من يدبر لأجل ذلك وأكثر!.

fawazyan@hotmail.co.uk