كتاب

كنت سفيراً في اليمن (١٦)

انتهت الحرب، وسافرت العائلة–وكانت آخر المسافرين، مكثت فترة وجيزة بعدها- وبعد ان استقرت الأمور- كان لابد من إجازة الى عمان- في هذه الفترة- سمعت بطريقة غير رسمية- ان هناك اتجاها لمكافأتي- وذلك بالنقل- استبعدت ذلك–لانني كنت لازلت اعتقد- ان العمل والإنجاز- هما عنوان التقييم- كان ذلك دون علم وزارة الخارجية- علم المرحوم أبو شاكر بذلك وكذلك الدكتور خالد الكركي- فتم إيقاف النقل- علما بأن وزارة الخارجية كانت تتجه نيتها- لنقلي الى قطر- ولكن تضارب مراكز إتخاذ القرار حال دون ذلك- ورضينا من الغنيمة بالإياب- واستقرت العائلة في عمّان- ووصلت الى الأردن- وقابلت جلالة الملك- المرحوم الملك الحسين طيب الله ثراه- استقبلني على باب مكتبه في رغدان- وقام جلالته من وراء المكتب- وقبل ان نجلس قال لي- عبارات لازلت اذكرها (الله يبيض وجهك مثل ما بيضت وجهي) (والله يا ابني ان تقاريرك الدقيقة التي كنت ترسلها وكنت أقارنها ادق من تقارير جهات أخرى ) (وبناء عليها اتخذت معظم القرارات التي تتعلق باليمن)- جلسنا على مقعدين متقابلين ولم يجلس رحمه الله وراء المكتب- واستمرت المقابلة اكثر من عشرين دقيقة- قال في نهايتها هل لك طلبات- أجبت جلالة الملك انا لم اعمل كموظف تقليدي يستلم راتباً ويعد أيام- انا عملت كابن بلد ويكفيني شهادة جلالتك بالإنجاز- ولا اريد شيئاً- وكرر مرة أخرى نفس العبارة- ولم اطلب شيئاً خاصاً.

قال جلالته- ان اليمن ليس لديها فضائية إعلامية- وإعلامها مخنوق سأطلب من مروان القاسم- والدكتور خالد الكركي–ومدير عام التلفزيون ان تجتمعوا- لتقديم خطة لمساعدة اليمن في إنشاء قناة فضائية- وهكذا كان- ثم طلب مني ان احمل رسالة شفوية الى الرئيس اليمني- وأن أقوم بزيارة حضرموت- لماذا اختار حضرموت لم اسأل- وتقدم لي تقريراً عن احتياجاتهم- فاضطررت الى قطع إجازتي والعودة الى اليمن- ومقابلة الرئيس اليمني ومن ثم قمت بزيارة حضرموت- واجتمعت مع المحافظ- وعدت وقدمت تقريراً عن الاحتياجات الضرورية والأساسية للمحافظة.

بدأ كثير من أصحاب المصالح الذين غادروا اليمن- العودة- لان الأوضاع بدأت تتسق- سارت الأحداث طبيعية- وتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة المرحوم الأمير زيد بن شاكر- وكانت تربطني به علاقة خاصة كان أميراً في التعامل- ويثق بي كثيراً- سأمر سريعاً على حادثة مهمة- دون الدخول في تفاصيلها الأمنية.

وتتعلق بالسكرتير الخاص لأبي نضال- ذلك الرجل الذي كانت الاردن تبحث عنه طيلة أربعة عشر عاماً- بالصدفة- وجدت ثلاثة محلات في صنعاء- احدها للزهور والثاني لقطع السيارات- والثالث لإصلاح دواليب السفارات ولهجة المسؤول ليست يمنية- فعرفت انه فلسطيني- يحمل وثيقة سفر- ولا يحمل جوازاً- وانتهت العلاقة بأن حضر الى السفارة- وللحديث بقية.