كتاب

كنت سفيراً في اليمن (١٥)

كانت خطوط الاتصالات مقطوعة، وكذلك البنوك، سافرت البعثات الدبلوماسية على مستوى سفير، كنت الوحيد من بين السفراء العرب الذين بقوا في اليمن طبعاً بدون العائلة أرسل الأردن أطناناً من الأدوية، وجاء أطباء متطوعون وآخرون من وزارة الصحة، كعادة الأردن يقوم بتقديم العون في مثل هذه الظروف، كان مصدر المعلومات الدقيقة التقارير الصباحية والمسائية التي أرسلها لم يكن هناك إعلام لدى اليمن ولا محطة فضائية، وكما قال لي المرحوم الملك الحسين اليمن مخنوق إعلامياً وهو ما سأتناوله لاحقاً كيف ساعدنا اليمن إعلامياً وبتعليمات مباشرة من جلالته بدأت الحرب تقترب من نهايتها، كانت قاعدة العند عائقاً كبيراً وهي قاعدة بناها السوفيات كأكبر قاعدة في الخليج ربما لكن ليس بنفس الضخامة والتكنولوجيا تعادل قاعدة العيديد، ولكنها كانت قاعدة تحت الأرض كان واضحاً أن الكفة تسير في اتجاه الشمال حضر مندوب الأمم المتحدة الأخضر الابراهيمي وكان جزء من التنسيق أن يمر بالأردن وبعدها يمر الى اليمن وزودت الديوان بكل التفاصيل التي يمكن ان تطرح في اليمن بما فيها الظروف العسكرية حتى حينه تناولت كثيراً من الكتب التي الفت فيما بعد عن الحرب في اليمن منها الف ساعة حرب - الدور الاردني ودور سفير الاردن بالاسم، كانت نصيحتي دائماً لمن أقابل من أهل الشمال من المسؤولين، هؤلاء يبقون يمنين وأخوة المعاملة الطيبة وعدم التصرف كمنتصر في الحرب، لأن الجروح لا تنسى والمعاملة الحسنة تبقى في الذهن ربما تحتاجونها يوماً لا شك ان كثيراً من أهل الجنوب طيبون وحضاريون واحتكاكهم على الموانئ في عدن وحضرموت والمخا قد صقل كثيراً من الطباع الخشنة للبادية بسقوط قاعدة العند والاقتراب من عدن وإخماد السفن التي كانت تقصف تعز.

أصبحت الحرب في حكم المنتهية ومن ثم انتهت وسافرت كثير من قيادات الجنوب وعلى رأسهم البيض إلى عُمان التي تمثل دائماً صوتاً هادئاً وعاقلاً ومتوازناً في الأزمات كوسيط أو ملاذ نحن الان أمام وضع جديد كانت وحدة بالرضا واقتسام السلطة الآن الوحدة كأمر واقع–كانت هناك قيادات كثيرة من الجنوب في الحكم كان رئيس الوزراء سابقاً–ابو بكر العطاس من الجنوب والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي كان نائباً للرئيس اليمني وعبد القادر باجمال نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتخطيط وكان رئيس وفد المفاوضات من اليمن لحل مشكلة الحدود كنت التقي معه بعد كل عودة من المباحثات وأطلع على كل التفاصيل بما فيها التي تخص الأردن ومن هنا كنت اؤكد وفي رسائل مشفّرة لجلالته أن العلاقة بين الرئيس اليمني والسعودية ستنتهي بتوقيع اتفاق طالما انتظرته السعودية لإغلاق ملف نجران وجيزان وعسير، وكان ذلك مقابل مليارات تدفع لليمن وهكذا تم إغلاق الملف التاريخي المقلق للسعودية ملف الحدود، وللحديث بقية.