كتاب

تحويل الصعاب إلى فرص

من نافلة القول أن الأردن يمر في مرحلة عنوانها الأكبر التحديات والأزمات، والتي تتجسد بوضوح في العديد من الأبعاد.

سياسياً، نحن في وضع صعب.

فعلى المستوى الداخلي، تزداد المطالبة بمزيد من الإصلاح والتطوير، ومزيد من الشفافية والعدالة، ومزيد من الكفاءة المؤسسية وجودة أداء القيادات على اختلاف مستوياتها.

ومع أن تطورات إيجابية كثيرة حدثت عبر السنوات الماضية في الدفع باتجاه ديمقراطية مقنعة، والتي تعد أحد أهم سبل تقدم المجتمعات وازدهارها،، فإن ما تمخّض على أرض الواقع ما زال دون المطلوب.

الدولة تستجيب، وهذا يسجل لها، لكن الاستجابة بطيئة.

في القرية الصغيرة التي نعيش فيها، الناس يملكون المعلومة العابرة للحدود، فيقارنون بين ما هم فيه وبين ما فيه غيرهم، ويريدون الأفضل.

العالم تغير، وتوقعات الشعوب تعاظمت، ولا بد من أن تكون وتيرة التحديث والتغيير أسرع بكثير.

على المستوى الإقليمي والدولي، هنالك العديد من التجاذبات والاستقطابات والصراعات غير الخلاّقة، فيجد الأردن نفسه في إصراره المُحقّ على وسطيته وعقلانيتة واعتداله في وضع لا يحسد عليه. والكيان الصهيوني بأنانيته وعنصريته وغطرسته وعدم احترامه للتفاهمات والاتفاقات، وإصراره على العنف اللامسؤول والتوسع الاستيطاني الاستعماري، يضع الأردن الذي يملك أطول خط مواجهة معه في وضع محرج.

ويزيد من تعقيد الأمر وتأزيمه موقف الإدارة الأميركية المتهور والمنحاز انحيازياً تاماً لإسرائيل وضعف الأطراف العربية وانقسامها وتشرذمها ودخولها في صراعات بينية تلحق الضرر بها.اقتصادياً، نعاني منها جداً.

اعتمادنا على المساعدات والقروض من «الأشقاء» و«الأصدقاء»، والتي أخذت تتضاءل لم يعد ينفعنا. لا بل إن استمرارية تمسّكنا به يحدّ من قدرتنا على اجتراح البدائل.

عدم تمكننا من القضاء على معيقات الاستثمار رغم إدراكنا لأهميته كأحد أهم الحلول يزيد من معاناتنا، كما يزيد من معاناتنا عدم تنفيذ المشاريع الاقتصادية المجدية في العديد من القطاعات الانتاجية والخدمية، في حقول الزراعة والصناعة والسياحة وغيرها.

تربوياً، ما زلنا نتكئ على نظام مدرسي تقليدي تحصيلي في جوهرة، ولم نفلح في إعادة هيكلته على النحو المرجو، رغم بعض النجاحات الفرعية.

وهنالك الفقر والبطالة والبيروقراطية ووسائل النقل العرجاء وفوضى المرور وحوادثه المؤلمة وعشوائية العمران وإيذاء البيئة وشح المياه. وهنالك تحديات وأزمات أخرى كثيرة على المستويين المايكرُوي والماكرُوي.

المطلوب الآن ليس التذمر والتبرم والسلبية وجلد الذات، ولا إلقاء اللائمة على الآخرين والتشكيك بهم، كما يحلو للبعض أن يفعل، بل مواجهة الصعاب بعزم وكفاءة ومهنية عالية، لا من قبل الحكومة وحدها، مع أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتقها، بل من قبل جميع المعنيين بالأبعاد المختلفة للتحديات والإشكالات، وجميعنا معنيون.

العديد من المجتمعات أفلحت في تحويل التحديات والأزمات إلى فرص وقصص نجاح، كما في الحالات اليابانية والكورية الجنوبية والصينية والأندونيسية وغيرها، وبإمكاننا نحن فعل الشيء ذاته.