فشبكة الإنترنت ووسائل التواصل المتعددة أتاحت للمتعلمين ولطالبي المعرفة على اختلاف أعمارهم فرصاً عديدة لتوسيع مداركهم وصقل مهاراتهم، ليكونوا عاملين فاعلين في القطاعات ذات العلاقة ومواطنين واعين.
ابحث فيها عن أي موضوع أنت مهتم به تجد الكثير مما كتب أو قيل عنه.
بيد أن هنالك إشكالاً مهماً، من بين إشكالات عدة، يتعلق بما تقدمه هذه الوسائل والمنابر من محتوى، ألا وهو سطحيته أو ضحالته على نحو عام، الأمر الذي يحدّ من توظيفه توظيفاً فاعلاً لأغراض تعليمية/تعلّميّة.
هذه سمة عامة تنسحب على محتوى شبكات الإنترنت العالمية، ومحتوى وسائل التواصل المختلفة.
لكن الإشكال الأكبر يتصل بالمحتوى العربي، الذي هو أقلّ كمّاً وأخفّ نوعاً وكيفاً. لا بل إن جزءاً كبيراً منه يفتقر إلى المصداقية والموضوعية والاحتراف.
عندما قمنا في الجامعة الأردنية، على سبيل المثال، بالبحث عن محتوى لنوظّفه في عدد من المواد الأساسية لطلبة السنة الأولى لم نجد على الشابكة ووسائل التواصل المختلفة إلاّ النزر اليسير. معظم ما وجدنا كان ضحلاً وسطحياً، وأحياناً غاية في السخف أو الانحياز لمواقف وأجندات خلافية.
مما اضطرنا إلى التأليف، وهذا أمر له محدداته وإشكالاته؛ فالمبدأ الأساسي يكمن في أنه إذا توافر محتوى مناسب وفاعل، فلا داعي للجهد والكلفة، واختراع العجلة من جديد.
عالمياً، تم التغلب على هذا الإشكال بأن قام عدد من الجامعات المرموقة بضخ آلاف المحاضرات والندوات والأفلام المحترفة الرصينة على الشابكة، من خلال ما يعرف بمبادرة «المصادر التعليمية المفتوحة».
مما أغنى المحتوى الإلكتروني كمّا وكيفاً، على نحو غير مسبوق.
المُحدِّد هنا أن المحتوى الغني هذا مقدم بالإنجليزية، أو بلغات عالمية أخرى، وبالتالي فهو نعمة لمن يجيد الإنجليزية أو تلك اللغات، وعديم الجدوى لمن لا يتقنها.
التحدي كبير لمن يعتمد على العربية لغةً وحيدةً لاكتساب المعرفة.
الحلّ يكمن، في أحد أبعاده، بقيام مؤسسات التعليم والتعليم العالي العربية، وفي مقدمتها الجامعات، بإنتاج مصادر تعليمية مفتوحة غنية ثرية عميقة، وبثها على الشابكة والوسائل المرتبطة بها مجاناً.
هذا أمر لا بد منه لكي نتغلب على هذا الإشكال المقلق، وبالذات كوننا مستهلكين متلقين للتكنولوجيا ومصادرها ومحتوياتها.
قبل مدة اتخذت وزارة التعليم العالي خطوة إيجابية بهذا الاتجاه وأنشأت مركزاً للإشراف على التعلم الإلكتروني والوسائل التعليمية المفتوحة.
وقمنا نحن في الجامعة الأردنية، استجابة للمطلب، بإنشاء مركز واعد وفاعل للمصادر التعليمية المفتوحة والتعلم المدمج، يشرف حالياً بفاعلية واقتدار على مبادرة التعلم المدمج التي نُفّذت وتُنفّذ بنجاح لافت منذ مدة، ويعمل الآن على البدء بانتاج المصادر الإلكترونية المطلوبة، بهدف سد تلك الثغرة المقلقة.
خطوة مهمة على طريق الألف ميل.
amajdoubeh@yahoo.com