نسمع منذ أمد طويل بمصطلحيّ «البعد العربي» و «العمق العربي». فهل لهما وجود؟ هل لهما أثر؟
الأثر والوجود هما على المستويات الشعبية، غير الرسمية. فالشعوب العربية تشعر أنها تنتمي لأمة واحدة، وتهتم كثيراً بقضايا الدول الشقيقة، وبأحوال مواطنيها.
تحزن لحزنهم وتفرح لفرحهم.
وهنالك تعبئة معنوية مشحونة ذاتياً، على المستويات الثلاثة: الشعور والقول والعمل.
فالمواطن العربي متعاطف أوتوماتيكياً مع قضايا الأمة، ومستعد لبذل الغالي والنفيس في سبيل خدمتها، إذا ما أتيحت له الفرصة.
ويظهر ذلك أكثر ما يظهر في الظروف الصعبة والأزمات.
فإذا ما ابتلي قطر عربي بمحنة أو أزمة تجد الشعوب العربية، مثلها «مثل الجسد الواحد: إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
ويظهر مستوى التضامن والتناغم في المناسبات الرياضية أو الفنية، وفي الملتقيات والمؤتمرات وغيرها.
فريق من قطر عربي ما ينافس على بطولة ما، يتلقى اهتماماً وحماسة ومتابعة منقطعة النظير من قبل الشعوب العربية قاطبة.
شعوب على قلب واحد.
وهذا بعد وعمق لا يستهان بهما.
طاقة كامنة هي كنز إن استغلت.
أما على المستوى الرسمي، والمسؤول عن الإخفاق في استغلال طاقات الشعوب الكامنة، فالبعد والعمق غائبان أو مغيبان.
دول هي أشبه بالجزر المعزولة. تعاون وتنسيق وتعاطف في حدودها الدنيا: بروتوكولات شكلية ومجاملات ووعود وخطط هي حبر على ورق.
الفتور والجفاء هما سيدا الموقف، والنتيجة الحتمية وهن وضعف وتشرذم.
وهنا يكمن الخطأ القاتل، وفي هذا الوقت بالذات والذي تتعرض فيه الأمة لمحن وأزمات وتحديات، ربما لا مثيل لها.
المطلوب أن تستمد الدول العربية قوتها من الطاقات الكامنة في شعوبها، من ناحية، ومن تحالفها مع بعضها، لا مع دول طامحة طامعة فيها من خارج الإقليم أو من خارج أبناء جلدتها، من ناحية ثانية.
مطلوب الآن، أكثر من أي وقت مضى، استغلال طاقات الشعوب العربية الإيجابية، والتنسيق الرسمي بين الدول العربية على أعلى المستويات ولصالح الجميع، فالدول العربية كلّها مستهدفة، وكلّها بحاجة لبعضها البعض.
«ما حك جلدك مثل ظفرك... فتولّ أنت جميع أمرك».
مواضيع ذات صلة