أنا لست مع الحكومات، أيا كان رئيسها وأيًا كانت طواقمها، إنما أنا مع الوطن، مع مائه وهوائه، وأنا تراب لثراه أفتديه بروحي ودمي ومالي وولدي.. أنا مع استقلاله وإرادته الحرة، أنا ساريةُ علمه ليظل خفّاقًا في الأعالي، أزهو بانتمائي لشعبه ولهويته وعظمة تاريخه، وأُباهي وأفخر بأني من ناسه لطيبة أصلهم وأصالة معدنهم وجود كرمهم.
أمّا الحكومات بغض الطرف عن زمانها وشخوصها ما هي إلا مجموعة وقع عليها الاختيار لترث ما فعلته وارتكبته حكومات غيرها إنجازًا وإخفاقًا، فكلّما كانت الحكومات مع الوطن فأنا معها، لأن العاقل منا مَن لا يحاسب «الحاضر» بجريرة الماضي، فما كان رحل ومضى، ومن حق مَن جاء بعدُ، أن يأخذ مداه وفُرصه لرأب صدع ما ورثه، وتجليس اعوجاج تراكمات غيره، فمن الظلم محاسبة مَن جاء ليقود سفينة ماخرة في بحر لُجي عامر بالإخفاقات والضغوط بشتى أشكالها ألا ينال حظه ووقته ليخوض معركته.
للأسف، هكذا حال الحكومات التي يجيء تشكيلها عند الرمق الأخير لحكومات راحلة، ذُبحت بسكين جارح غير حاد، لا يعرف الرحمة ولا الشفقة.. وهذا يحتم على وارث التركة أن يَعي جيدًا أن حالنا صعب، وواقعنا مُر، وعليه ألا يمتطي صهوة المُثل ولا يلتفت لمطالب بعضنا بعفريت من الجن «ليحقق المستحيل قبل أن نقوم من مقامنا، أو قبل أن يرتد الينا طرفُنا أو لمن يطالب بأن تضرب الحكومة بعصاها الحجر لتنفجر منه المعجزات.
ما سبق يقود للحديث عن استطلاعات الرأي التي تُجرى بين الحين والحين، لأقول مع احترامي لمن يُجريها ومن يضع أسئلتها بعناية ودقة أن بعض الأسئلة احيانًا لا تحتمل إلا إجابة سلبية أو إجابة غير ذات جدوى، فتأتي نتائجها غير دقيقة ولا عادلة مئة بالمئة فكيف سيكون الأمر إذا كان بعض المسُتَطلعين «بالصدفة» غير موضوعيين في إجاباتهم وكان البعض الآخر متأثرًا–شئنا أم لم نشأ–بحملات التشويش التي يشنها قادة رأي من المعارضة على جهات مُستطلع أمرها، ثم ألا يتأثر بعض المُستَطلعين بكتابات بعض الإعلام الموجه لغايات غير نبيلة ولا يتسم بالصدّقية والحيادية؟
وهناك أمر آخر لافت، وهو أن هناك اسماء تتكرر تقصدها مراكز الاستطلاع في كل مرة فهل هذا منطقي؟ وقبل أن يجتهد أياً كان وينكر ذلك أنا شخصيًا سُئلت في اكثر من عشرين استطلاعًا أمتنع عن ذكر الجهة المعنية، معظمها كان حول نفس الموضوعات!
وعليه، فإننا إذا سلمنا بما أزعم فإن نتائج الاستطلاع الأخير الذي أُجري بمناسبة مرور عام على الحكومة الحالية ستتغيّر إلى نسب ٍ أعلى! وهذا مرحليًا بالنسبة لي ليس بيت القصيد، لأنني سأتحدث حول امرين مهمين مستقبلًا أحدهما استطلاعات الرأي والثاني التمويل الأجنبي لـ «بعض» منظمات مجتمع مدني تحوم حولها عشرات الأسئلة الأستنكارية.
مواضيع ذات صلة