كتاب

كوميديا حكومية !

عندما يعلن رئيس الوزراء بأن الحكومة ستعتمد في تقييم أداء الوزارات والمؤسسات التي تقدم الخدمة للمواطينن، على تقارير «المتسوق الخفي» أو منصة «قيم تجربتك، فذلك تطور يقترب من «الكوميديا»، ويطرح تساؤلات تحفز على التأمل!

«المتسوق الخفي» أسلوب متبع في عديد الدول، لكنه يعني القطاع الخاص بالدرجة الاولى، أما الحكومات فهي تدير شؤون الدول، وفق تشريعات وأنظمة!

تلويح الدكتور عمر الرزاز باتخاذ اجراءات بحق الدوائر والمؤسسات، التي لا تعمل على تحسين مستوى خدماتها، جاء خلال زيارته لمديرية تسجيل أراضي غرب عمان الاسبوع الماضي، بناء على تقريرين من «المتسوق الخفي»، الذي زار المديرية واكتشف انخفاض مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين.

ومنذ منتصف آذار الماضي زاد عدد جولات «المتسوق الخفي» على مراكز الخدمة الحكومية على 500 زيارة، وستتواصل على مدار العام، حسب ما أعلنت وزير الدولة لتطوير الاداء المؤسسي ياسرة غوشة، بعد أن بدأت رئاسة الوزراء بالتعاون مع مركز الملك عبدالله الثاني للتميز، بتنفيذ جولات «المتسوّق الخفي» السرية للمراكز الخدميّة الحكوميّة، للاطلاع على واقع تقديم الخدمات والإجراءات المتّبعة، وكيفية التعامل مع متلقي الخدمة ومدى ملاءمة البيئة المكانية.

ولم يعد خافياً أن ترهل الجسم الحكومي وفائض الموظفين وضعف الانتاجية، يعود بدرجة أساس إلى «فيروس» الواسطة والمحسوبية المزروع في بنية الدولة لأسباب اجتماعية! والذي يحكم الأساليب المتبعة بتوظيف الأيدي العاملة. بعيداً عن اعتماد المؤهلات والكفاءة والعدالة، وكان للنواب دور في تعزيز البطالة المقنعة، من خلال التوسط لتشغيل قواعدهم الانتخابية! دون إغفال عنصر مهم يتعلق بتآكل قيمة رواتب غالبية موظفي القطاع العام، مقابل ارتفاع كبير في كلف الحياة.

وعليه فإن نقطة البدء بالعلاج ليس «المتسوق الخفي»، بل إجراء إصلاح سياسي وإعادة هيكلة وترشيق الجهاز الإداري الحكومي المتضخم، الذي يقدر بنحو 218 ألف موظف بنسبة 2.02 % إلى عدد السكان، وهي نسبة تفوق المعدل العالمي. بكلفة أربعهِ ملياراتٍ و50 مليونَ دينار في موازنة 2019، وتشير تقديرات الخبراء أن نحو «100» ألف موظف يعدون «حمولة زائدة»!

يترافق ذلك مع انخفاض ملموس في انتاجية موظفي القطاع العام، حيث أظهرت أحدث دراسة لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، أن الأردن حل ضمن أضعف عشرين دولة في العالم بالنسبة لإنتاجية العمال، وبلغ المعدل الكلي للمشاركة الاقتصادية ما نسبته 39 بالمئة!

وإذا اعتمد «المتسوق الخفي» في تقييم الاداء والرقابة، فربما تحتاج الحكومة لاستحداث وزارة بهذا الاسم، أو تشكيل مفوضية كبيرة لهذه الغاية، تضم المزيد من الموظفين و«المخبرين» يتم تدريبهم وتمييزهم بالرواتب! وقد تحتاج إلى تشكيل جهة رقابة لتقييم أداء «المتسوق الخفي»! أو يضطر الوزراء وكبار المسؤولين إلى التخفي لتقييم أداء موظفيهم !

Theban100@gmail.com