ينفرد ترمب بأنه أكثر الرؤساء الأميركيين وضوحاً منذ عشرات السنين، وهو يجسد «العقلية الامبريالية» بأوضح صورها ! ويمارس السياسة الخارجية بعقلية الصفقات!
في بعض الأزمات الاقليمية والدولية تصعد الأطراف لهجتها وتهديداتها، تمهيداً لبدء المفاوضات للوصول إلى تسوية، وفي هذا السياق يمكن النظر الى الحرب الكلامية المتصاعدة بين واشنطن وإيران، التي أشعلتها فرض عقوبات أميركية إضافية على طهران، واستعراض واشنطن للقوة العسكرية في الخليج العربي، وبررت واشنطن هذه التحركات بظهور «مؤشرات على وجود خطر حقيقي من قبل قوات النظام الإيراني»!
وفي خضم التصعيد المتبادل أعلنت إيران تعليق بعض تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، والتهديد «بإجراءات إضافية خلال 60 يوماً»، وتبدو هذه اللهجة موجهة للاستهلاك المحلي، فمن المستبعد أن تعيد ايران برنامجها النووي، إلى ما قبل توقيع الاتفاق النووي عام 2015، فلن يقبل العالم ذلك وخاصة مجموعة » 5+1» التي وقعت الاتفاق مع طهران! وجاء قرر ترمب الانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات على طهران، بهدف الضغط عليها للتفاوض على اتفاق جديد وفرض شروط إضافية، تتعلق بالبرنامج النووي والصاروخي، وطلب وقف تدخلات ايران الخارجية في المنطقة.
الحقيقة أن الطرفين لا يرغبان في الحرب، حتى بعد حادثة الاعتداء على 4 سفن بالخليج، والهجوم الحوثي على محطتي ضخ للنفط في السعودية باستخدام طائرات مسيرة. وربما تندرج جولة التصعيد الحالية، في إطار الحرب النفسية وسياسة «عض الأصابع»، وفي أسوأ الأحوال ربما توجه واشنطن ضربات محدودة لأهداف حيوية ايرانية، فيما تبدو طهران حذرة ولا تريد مواجهة شاملة، وقد تستخدم بعض أدواتها لتنفيذ عمليات متفرقة! وهي لا تنكر فعالية العقوبات الأميركية، باعتراف الرئيس روحاني بقوله «أن بلاده تواجه أصعب وضع اقتصادي منذ 40 عاماً».
القراءة الموضوعية للمشهد تشير إلى أن التسخين هو «جعجعة بدون طحن»! وأن الطرفين ينتظران وساطة طرف ثالث، وبادر ترمب إلى الإعلان بطريقة ساخرة أنه وضع رقم هاتف في سويسرا، لكي تتصل إيران من خلاله، ثم استقبل الرئيس السويسري في البيت الأبيض، وثمة تكهنات بأن تلعبا دوراً بالوساطة سلطنة عُمان أو دولة قطر، باعتبارهما ترتبطان بعلاقات جيدة مع الجانبين.
تخطئ طهران إذا راهنت على موقف أوروبي مستقل عن السياسة الأميركية، فقد سارعت الدول المعنية بالاتفاق النووي «ألمانيا وفرنسا وبريطانيا» وكذلك الاتحاد الأوروبي، برفض مهلة الشهرين التي حددتها طهران!
أما اعتماد إيران على دعم روسي حاسم، فيدخل في باب الوهم السياسي، فكل ما تفعله موسكو لا يزيد عن إطلاق تصريحات ضبابية، لن تترجم إلى مواقف عملية!.
Theban100@gmail.com
مواضيع ذات صلة