كتاب

«لغز» التعديلات الوزارية !

ليس مهماً من ذهب ومن جاء في التعديل الوزاري الثالث على حكومة الدكتور عمر الرزاز، ففي الأردن ربما يقارب عدد الأشخاص الذين اكتسبوا لقب (معالي) منذ تأسيس الدولة 1500 شخص، وبعض هؤلاء تكرر مرات عديدة في أكثر من حكومة، وفي الأردن ربما يوجد نحو مليون شخص يطمحون أو مؤهلين لإشغال منصب وزير، واذا فتشت أي حافلة نقل عام متهالكة (كوستر)، ربما تجد راكباً أو أكثر (متعلماً ومؤهلاً) ليكون وزيراً حسب النهج المتبع في التوزير!

والواقع أن الرزاز لم يبتكر هذا التقليد، فهو نهج سياسي أردني ثابت مثل (حجارة البترا) تسير عليه كافة الحكومات!

ويبقى السؤال الجوهري: لماذا وكيف يتم اختيار (س) أو (ص) لحمل حقيبة وزارية، ولماذا يخرج (فلان) ويدخل (علان) في تعديل وزاري، ولماذا يتم ترحيل بعض الوزراء من وزارة الى أخرى، طالما أن توزيع الحقائب لا يتم على أسس سياسية وحزبية، أو حسب التخصص العلمي والخبرة المهنية؟

ثلاثة تعديلات على حكومة خلال أقل من عام.. رقم قياسي ! لكن المفارقة اللافتة التي تشبه (اللغز) هي الكيفية التي يتم فيها التعديل، فبعد أسابيع من تداول الأوساط السياسية والاعلامية تكهنات عن تعديل وزاري وشيك، دقت (ساعة الصفر) وبثت وكالة الاخبار الرسمية (بترا) خبراً عاجلاً جاء فيه: «طلب رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزّاز من فريقه الوزاري تقديم استقالاتهم، تمهيداً لإجراء تعديل وزاري على حكومته في الأيام المقبلة، وأكّد الرزّاز أنّ التعديل يأتي استحقاقاً لمتطلّبات المرحلة المقبلة، التي تتطلّب بذل المزيد من الجهود بما يسهم بتجاوز التحدّيات، وإنجاز أولويّات الحكومة وخططها».

ولم يتضح كيف سيكون التعديل الجديد (رافعة) لتجاوز التحديات؟ لكن المشهد يحفز على التأمل! قد يكون الرئيس يعرف في داخله من سيخرج ومن سيختار أو يرشح له وزراء جدد، لكن جلاء الصورة يبقى في طي الكتمان، طيلة فترة المشاورات التي قد تستمر ساعات أو أيام، وخلال هذه الفترة يفترض أن يبقى جميع الوزراء، الذين وضعوا استقالاتهم على طاولة الرئيس، يترقبون ويتحسبون ويحبسون أنفاسهم، كمن يترقب نتائج السحب على جائزة يانصيب، الى أن يتم بث خبر أداء الوزراء الجدد القسم على التلفزيون! وماذا يمنع لو (وشوش) الرئيس الوزراء الذين يريد إخراجهم، ويقول لهم (الله يعطيكم العافية ما قصرتم)؟

لن يستوي الحال دون إصلاح سياسي نسمع عنه منذ سنوات، ينظم عملية اختيار الحكومات وفق برامج سياسية وآليات برلمانية، وذلك مرتبط بإدخال تعديلات جوهرية على قانوني الانتخاب والأحزاب (...) حتى نخرج من (الحلقة المفرغة)!

Theban100@gmail.com