الاب رفعت بدر
في عام 1992 كانت أول قصة لي منشورة في الصحافة، عبر صحيفة القدس الفلسطينية، حيث كنت على مقاعد الدراسة والتحضير للكهنوت في المعهد الإكليريكي في مدينة بيت جالا جارة مدينة بيت لحم في فلسطين. أذكر القصة جيدًا، فقد جاءت في موسم قطاف الزيتون «البجالي» في نهاية شهر تشرين أول. وحملت اسم القنديل، حيث صمّم بطل القصة «فريد» في النهاية ألا يسمح لأي ريح أن تطفىء شعلة قنديله.
وبعد 27 عامًا تعود القصة برمزيتها إلى الذاكرة، بعد إعلان تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة من زجاج صاف، اسمها مصباح (أو قنديل) السلام في أسيزي بلد القديس فرنسيس، الملقّب بالأسيزي نسبة إلى مسقط رأسه ومكان تجارة والده. وتأتي الجائزة بعد أيام قليلة من كلام الملك في الزرقاء: «نعم علينا ضغوطات». ودعونا نقول هنالك من يريد أن يأتي على شعلة قنديل الأردن. لكن كلا وكلا وكلا. فالهمّة الهاشمية لا تلين، والتحام الملك بشعبه يعطي تلك القوّة على مواجهة أي ريح عاصفة.
ومن تقليد هذا الحدث أن يأتي من فاز بالجائزة العام الماضي ليسلّمها إلى الفائز هذا العام، وهذا ما يسمّى بالسلسلة البشرية من أجل السلام. ومنذ إطلاق الجائزة عام 1981، صار هنالك 17 شخصًا يلتحقون بهذه السلسلة الرائدة والمؤثرة في التاريخ البشري، ومنهم من غادر هذه الحياة معطّرًا بالقداسة، وصنع التغيير الإيجابي وسط عالم وحشي، فكانوا بدورهم مثل القناديل المضيئة»، وكانهم صدى لما جاء في رسالة بولس الرسول الى اهل فيلبي: «في جيل ضال فاسد تضيئون ضياء النيرات في الكون». او حققوا ما وصف به السيد المسيح صديقه يوحنا المعمدان بقوله: «كان يوحنا السراج المتقّد المنير»، ومنهم من ندعوا له بطول العمر ليكمل المسيرة، فنسير معه معه «يدًا بيد نمضي لغد ولبعد غدِ».
كان جلالة الملك يتوجّه بطائرته إلى أسيزي الإيطالية، بينما كان البابا فرنسيس يتهيأ للانطلاق نحو المملكة المغربية، غداة زيارة «سيدنا لها»، حيث أكد على عروبة القدس والوصاية على المقدسات، فيما سيركز البابا فرنسيس على الحوار المسيحي الإسلامي وتقديم العون للمهاجرين، بالإضافة إلى بثّ روح الشجاعة ومواصلة الدرب للكنيسة الكاثوليكية الصغيرة في المغرب الشقيق، حيث تشكّل 30 ألف مقيم من 37 مليون مواطن.
أمّا فيلادلفيا (مدينة الحب الأخوي عمّان) عاصمتنا التي انطلقت منها الرسالة قبل خمسة عشر عامًا، أي رسالة عمّان، فكانت في ذات الوقت تلتئم أسرة واحدة في المركز الثقافي الملكي، وتستمع إلى القرآن الكريم والإنجيل المقدّس، حول حدث البشارة، بتنظيم من المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الذي أعلن عن جائزة البشارة لهذا العام، وذهبت إلى مؤسستين رائدتين في بلدنا الحبيب، وتُعنيان بالثقافة الحقيقية للتقبّل واللقاء مع القريب، والتلاقي الإسلامي المسيحي في بلدنا. عنيت بهما المركز المجتمعي المسكوني (الخيمة) التابع للكنيسة اللوثرية في عمّان، بإدارة القس سامر عازر، ومبادرة تكافل الأديان بإدارة الدكتورة بيان الشبول.
Abouna.org@gmail.com