عمان - ابراهيم السواعير
بحضور نخبوي عراقي وعربي وإعلامي لافت نظم الملتقى العراقي للثقافة والفنون في بيت الثقافة والفنون أمسية فنية استذكارية واحتفالا تكريمياً للفنان التشكيلي العراقي المغترب سالم الدباغ، بصفته رائداً من رواد الحداثة والتجديد في حركة الفن التشكيلي العراقي المعاصر، وصاحب أول لوحة تجريدية عرضت في العراق.
في بداية الاحتفال وبعد الترحيب بالضيوف والفنان المحتفى به الدباغ، أكد مدير الأمسية ورئيس الملتقى العراقي للثقافة والفنون التشكيلي والناقد والإعلامي ضياء الراوي، أنّ من حق الفنان سالم الدباغ الرسام والفنان الجرافيكي المعروف، الذي هو من جيل الفنانين الذين أثروا تطوّر حركات ومدارس الفن الحديث في العراق منذ منتصف الستينيات، أن نحتفي به وبزملائه من رواد الحداثة الفنية والفكرية في العراق باستمرار، وبما أنجزه هو وزملائه من الفنانين الرواد ومن جاء بعدهم من خلال مسيرته الفنية الطويلة الحافلة بالعطاء، وأن نقرأ ألوانه واشتغالاته الفنية اللافتة، خصوصا وهو الرسام العربي الذي وصل بالتجريد إلى أقصى مراحل نقائه وصفائه.. فقد توصل الدباغ في سن مبكرة من حياته إلى معادلة لا يصل إليها الآخرون إلا في نهاية أعمارهم، فرسم بقوة وهو القابض على الحقيقة.
وأكد الراوي أن الفنان سالم الدباغ له إسهامات مهمّة من خلال جهوده ورؤيته الفنية شكلا ومادة ولونا وموضوعا، وتجاربه ومشاركاته و معارضه المشتركة والشخصية التي تدل على حضوره المحلي والعربي والعالمي كرسام تجريدي مهم وكطباع كرافيكي متميز، مثلما تميز برؤية فنية ثقافية متقدمة وريادية جريئة ومتقدمة. كما قدم الراوي شرحا لأهم منجزات الدباغ، ماراً بمراحل حياته ومراحل دراساته في العراق وخارجه والجوائز التي حصل عليها، مبيناً أن الدباغ ومنذ أكثر من خمسين سنة يتعامل مع لوحته كونها سطحا يصنع ذاته بذاته، من غير أن يستعين بأي عنصر قادم من خارجها.
ثم قدم رئيس الملتقى ضياء الراوي شيئاً من سيرة الفنان، الذي ولد في الموصل عام 1941، ما بين عامي 1958 و1965 ودرس الرسم في معهد وأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد. وفي سنة تخرجه شارك في المعرض الأول لجماعة المجددين التي كان عضوا مؤسسا فيها وشارك في معارضها اللاحقة. وفي عام 1966 حصل على دبلوم شرف من معرض لايبزغ الدولي لفن الحفر الطباعي.
وما بين عامي 1967 و1970 حصل على زمالة دراسية من مؤسسة كولبنكيان لدراسة فن الحفر الطباعي في لشبونة، وأقام معرضه الشخصي الأول خارج العراق في غاليري 'سلطان' بالكويت وذلك في عام 1972. وما بين عامي 1971 و2000 قام بتدريس مادة الحفر الطباعي في معهد الفنون الجميلة وأقام عدة معارض شخصية وشارك في معارض جمعية التشكيليين ببغداد وأقام معرضا هاما قبل سنتين في عمان ..كماحصل على العديد من الجوائز العربية العالمية ويقيم الآن في مغتربه بالولايات المتحدة. وبعدها قدم الناقد المستشار برابطة التشكيليين الأردنيين الفنان حسين نشوان قراءة نقدية في أعمال الدباغ وتقنياته الفنية ورؤيته الفكرية، مؤكداً أنه وبالرغم من غزارة الفنان سالم الدباغ في الإنتاج الفني فإنه أقام عددا قليلا من المعارض الشخصية مقارنة بحضوره اللافت من خلال المعارض المشتركة والملتقيات الدورية التي تقام لفن الحفر الطباعي في مختلف مدن العالم بدءا من عام 1968، حيث أقام معرضا مشتركا مع فنانين عراقيين في لشبونة. ومن ثم عرض رسومه في بينالي لوبليانا بيوغسلافيا السابقة وبينالي ليتش ببلجيكا وبينالي بوينس أيرس بالأرجنتين وسواها من اللقاءات الفنية التي كان معظمها خاصا بفن الحفر الطباعي “غرافيك”.
بدوره، تحدث الفنان سالم الدباغ عن تجربته ورؤيته التي طرحها في أسلوبه التجريدي والتي اختزل فيها اللون من خلال المكعب وأوجههة وتدرجات الألوان الغنية والمتعددة من خلال اللونين الاسود والبيض قائلا شغفي واهتمامي بالأسود والأبيض والمكعب يعود إلى عملي في التدريس في مرحلة مبكرة بالمملكة السعودية، وبالذات في مدينة مكة المكرمة حيثت تأثرت روحيا ووجدانيا وجماليا ببناء الكعبة المشرفة المكعب وأثره النفسي ، وباللونين الأسود والأبيض في كسائها الأسود وجدرانها الحجرية البيضاء.. فأصبحت ألوان الأسود والأبيض لي، أما بقية الألوان فتركتها للآخرين، مشيراً إلى غنى اللون عنده، قائلا بأنّ هناك تناقضاً واضحاً بين سكونية سطح اللون الأسود وما يتفاعل تحته من ألوان يحسها المتلقى الواعي والمدرك لقيمة العمل الفني.
وشارك بعض المتحدثين ببعض المداخلات و كلمات الإطراء والإشادة من فنانين ومثقفين بمنجز الفنان الدباغ وسيرته المعطاء ومبادرة الملتقى العراقي للثقافة والفنون في عمان بتسليط الضوء على الفنانين والمثقفين العراقيين المغتربين والاحتفاء بهم بمثل هذه المناسبات، كما قدّموا له الهدايا العينية من الورود تقديراً واعترافاً بحضوره الفني المميز بين الأمس واليوم.
الملتقى العراقي للثقافة والفنون يكرم الفنان سالم الدباغ
11:15 14-1-2019
آخر تعديل :
الاثنين