كتاب

في غاية الصراحة والوضوح



أكثر من مرة وجه جلالة الملك عبد الله الثاني حديثه صريحا مباشراً بأن لا مجال للقلق وعلينا العمل والسير قدما لخير الأردن، وليس الحديث كما يدور في المجالس المغلقة عن الخوف من تغيير المعادلة السياسية ونهج الحكم تبعا للمتغيرات الدولية وما يطرح عن صفقة القرن.

علت نبرات أصوات النشاز والخارجة عن المألوف بعبارات لا يقبلها أي مواطن حر ينتمي للبلد ويخلص له، حتى طالت تلك الأصوات «المبحوحة» مؤسسة العرش التي لا يمكن لأي صالح ووطني ومؤمن بالوطن والأمة أن يتنازل عنها؛ هيبتها على رأس هيبة الدولة والأساس المنيع لنا جميعا، وطالت أيضا شخص جلالة الملكة وعائلتها والملكة هي ملكة الأردن عن جدارة واستحقاق وسيدته الأولى، والمحافظة على هيبة الدولة لا بد أن يكون عبر ديمقراطية حقيقية ، إذ لا تعني الديمقراطية أن نغتال الشخوص ونكيل لهم القدح والذم وإطالة اللسان، بل الديمقراطية أن تتوقف حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين وان تكون لديك صراحة وموضوعية لا تطالها وقاحة.

عبر لقاء عفوي لجلالة الملك في شارع الرينبو بجبل عمان مع مجموعة من المواطنين يرافقه ولي العهد والأمير هاشم والأميرة سلمى، قدم جلالته كل المودة والتقدير لمواطن يتقدم للسلام عليه ويقدم واجب الولاء صريحا: أنت سيدنا وقائدنا الغالي، حديثا مباشرا بين الملك والناس لتخرج إلينا أصوات لا نقبل سماعها ولا نقبل كلامها، تتحدث بما لا يليق وتحلل كيفما تشاء دون شعور بالمسؤولية أوالانتماء.

عبر أوراق الملك النقاشية وأكثر من لقاء مع النخب والكتاب وحديثه يجدد التفاؤل والطلب لمن يريد العمل أن يشمر عن ساعديه ويعمل بإخلاص ويثبت انه أردني بكل معنى الكلمة ويقدم الخير لمستقبل أفضل.

لا يمكن تجاهل الانجازات وما شيدناه معا وبعزم عبر مسيرة العطاء، ثمة العديد من التحديات ولكن علينا الإصرار على حلمنا بأردن قوي بجهد الجميع وخصوصا الشباب منهم والذين وجه سيدنا لهم بضرورة العمل بقوة وعلى ارض الواقع وفي المجالات كافة وخصوصا المهنية منها والالتحاق بسوق العمل اليدوي والقرب من الواقع بثقة واهتمام وقناعة بان الوطن يحتاج إلى الكثير.

وعن الشباب دوما نحتاج إلى ترشيد الاعتماد على الأهل والدولة والقرب أكثر من إيجاد الحلول للمشاكل اليومية والحياتية وإتباع نهج العمل الشريف وتحمل المصاعب والتواصل الايجابي بدل الكسل والاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي للحلم والأمنيات فقط لا غير.

بصراحة ووضوح نحتاج لتوطيد الثقة في أنفسنا وأننا قادرون على إثبات الوجود داخل الأردن كما كنا نفعل خارجه وأننا أقوى من الدعوة لاعتصام فاشل في المحتوى وعديم الفائدة على المجتمع وعلى العكس تماما فيه من الخراب ما يؤثر على الجميع دون استثناء.

البدائل كثيرة ولو كنا مكان دولة الرئيس وأعضاء الحكومة ما كنا نعمل غير الذي اتخذ من قرارات وما كنا في موقع المسؤولية إلا إذا كان الهم واحد ومباشر لرفعة الأردن.

المواقع الرسمية والتي تم إطلاقها ما هي إلا وسائل للتواصل الصريح والانتماء السليم دون ضجيج ومزايدة، ابعث ما تريد أيها المواطن الكريم وخاطب الحكومة بكل مباشرة وسوف تتلقى الإجابة في أسرع وقت وهذا يحسب للحكومة على إيجاد نهج للتواصل لم يكن موجودا في السابق وسوف يعظم وسائل التخاطب والإجابات ما بين الشعب والمسؤولين.

جلالة الملك أعلن خلال لقاء جمعه بعدد من الكتاب الصحفيين انه يُفكر بتعيين ناطق رسمي أو مستشار إعلامي لمواجهة «الإشاعات» التي صرنا للأسف نسمعها في الآونة الأخيرة بكل كرم رخيص، كما أشار جلالته في حديثه إلى تواصله مع الجميع وخصوصا «مفاتيح الدولة» فانه يعلن بذلك عن معرفته بمن يعمل بشجاعة وصدق وعمن يختبئ وراء المكاتب ويظهر بأنه خائف على الشعب ويستغل الوضع ويظهر على حساب الوطن مستغلا الوضع، وهذا بصراحة ما يحدث دوما، فهل من صراحة ووضوح أكثر من رسالة الملك؟

باختصار ركز الملك على النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وتحسين الخدمات وخلق فرص عمل للشباب وتلك هي المحاور المطلوبة وأعلن أن الكرة الآن في ملعب الحكومة والقوى السياسية للعمل بإخلاص.

جلالة الملك متحمس لمستقبل الأردن الذي يمتلك فرصا كبيرة، وعلينا جميعا الاستفادة منها وخصوصا إن جلالته قدمها بوضوح: «سوريا تستعيد عافيتها، دول الخليج ودعهما للأردن، توافق مع العراق، دعم دول العالم للأردن فماذا نريد بعد كل ذلك؟

الإصلاح السياسي وتطوير نظام الانتخاب والمشاركة في الأحزاب جميعها تحدث عنها جلالة الملك،وتم توفير البنى الأساسية لها فلماذا لا نعمل على تفعليها؟

لا بد من العمل باجتهاد ومثابرة دون الاختباء وراء الدفاع عن مصلحة الأردن وترويج الإشاعات وإثارة الفتن ووضع العصا في دواليب الإنتاج والتقليل من شأن الأردن.

رسائل ملكية واضحة تحتم على الجميع إدراكها لمواجهة التحديات والمخاطر، فما علينا سوى العمل بإخلاص ووطنية وليس بالتنظير والسلبية.

fawazyan@hotmail.co.uk