المرة الأولى التي سلطتُ فيها الضوء على مشروع قناة البحرين (الاحمر / الميت) كانت عام 2005 في برنامج تلفزيوني أسبوعي كنت أعده بعنوان ((الصالون السياسي)) وقد استضفت لمناقشته وزير المياه السابق الدكتور حازم الناصر كما أجريت الاتصال الهاتفي المصور أثناء الحلقة مع كل من المهندس فضل كعوش رئيس سلطة المياه الفلسطينية في رام الله، وفي عمان مع كل من الدكتور دريد محاسنة الخبير المائي والمهندس مازن ريال الخبير الجيولوجي من لجنة البيئة في نقابة المهندسين، ولا أنوي اليوم سرد ما دار في تلك الحلقة التلفزيونية التي وضحتْ للمشاهد الأردني لأول مرة العديد من جوانب المشروع بايجابياته المتمثلة أولاً في انقاذ البحر الميت من النقصان المتسارع في مياهه والآثار البيئية السيئة المترتبة على ذلك وثانياً في توليد الكهرباء من المياه الساقطة من البحر الأحمر إلى البحر الميت لتشغيل محطة تحلية تقام في خليج العقبة وثالثاً في ترسيخ الدور الفلسطيني في المشروع كطرف ((مشاطئ)) للبحر الميت، أما سلبياته فقد تركزت على الأضرار البيئية المختلف عليها.
ما حفزني للعودة للمشروع بعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عاماً هو ما كتبتْه ريم الرواشدة في ((الرأي))24/10/2018 عن ((مؤشراتٍ تُدخل ناقل البحرين إلى الموت السريري))، ثم في 7/11/ 2018 عن حديثها مع د. حازم الناصر وزير المياه السابق الذي شكّك في رغبة الجانب الاسرائيلي في الاستمرار بالعمل مع المملكة لتنفيذ ناقل البحرين (لعدم حاجتهم للمياه المحلّاه !) ولم أسمع أو أقرأ أي تعليق على ذلك من أي مصدر رسمي كما أني لم أطلع على وجهة نظر الجانب الاسرائيلي لكني بمساعدة صديق متابع حصلت على مقال مطوّل عن المشروع نشرته صحيفة ((اسرائيل اليوم)) في 23/11/2018 بقلم نداف شرغاي اقتطف منه بعض السطور ذات الدلالة: ((إن المشروع يحظى الآن باهتمام القيادة الاسرائيلية ليس بسبب جاذبيته الاقتصادية المشكوك فيها بل بسبب الامكانية الكامنة فيه لإعادة بناء العلاقات المتعثرة مع الشريك في المشروع أي الأردن... وفي الأسابيع الأخيرة تسارعت في ديوان رئيس الوزراء والأهم في وزارة التعاون الاقليمي برئاسة الوزير تساحي هنغبي الاتصالات مع الأردنيين من أجل استكمال الفحوص الفنية الضرورية، وفي الأشهر القليلة القادمة سوف يطرح الأردنيون بالتنسيق مع اسرائيل عطاء اقامة منشأة لتحلية 65 مليون متر مكعب من مياه البحر الأحمر في الجانب الأردني من الحدود في منطقة المطارات، وكذلك لمد أنبوب بطول أكثر من 200 كم لنقل 300 مليون متر مكعب من مياه خليج ايلات (!) إلى البحر الميت وفي نهاية سنة سيُنشر اسم الشركة الفائزة بالعطاء من بين خمسٍ مؤهلةٍ (فرنسية واسبانية ويابانية وصينية)، وبعد سنة أخرى ستبدأ الأعمال على الأرض وتنتهي بعد أربع سنوات أي في 2025 حيث يبدأ تحت الرقابة أول ضخ تجريبي محدود للماء من البحر الأحمر إلى البحر الميت، وهكذا يجلس هذه الأيام موظفون أردنيون واسرائيليون لانجاز ذلك دون الاعلان عنه...)).
وبعد.. تبقى الأسئلة الكبيرة معلقة: مَنْ غيرُ اسرائيل يتحمل وزر تجفيف البحر الميت بقطع الشريان الرئيسي الذي كان يغذيه منذ ملايين السنين وهو نهر الاردن ؟! ومن الذي دعمها كي تفعل ذلك باسم اتفاقية جونستون لتقسيم المياه؟ ومن الذي أوصل حدودها إلى الشاطئ الغربي للبحر الميت فباتت كعادتها في الابتزاز تشترط موافقتها على أي مشروع ((ينقذه)) حتى لو أقيم في أراضي دولة أخرى مجاورة ؟!
مواضيع ذات صلة