كتاب

أمران مهمان.. هل من مُجيب؟

على نحو عام، الكوارث الطبيعية في منطقتنا أقل حدوثاً منها في مناطق أخرى. فالمناخ معتدل صيفاً وشتاءً، ويتسم الجو بدرجة عالية من الاستقرار على مدار السنة، بعكس العديد من المناطق التي تتعرض للعديد من الظواهر الطبيعية الخطرة والمدمرة على مدار العام.

لكن رغم الاعتدال والاستقرار، يحدث العديد من الاستثناءات التي يجب أن تؤخذ بالحسبان والتي يتوجب على الجهات المعنية كافة بالعمل الجاد على درء المخاطر التي تنجم عنها.

من هذه الاستثناءات حالات الغبار الكثيف التي تتشكل على الطرق في عدد من أيام السنة، والرياح الخماسينية، والهزات الأرضية، والارتفاع اللافت لدرجات الحرارة في بعض فصول الصيف، وتساقط الثلوج بكثافة في بعض فصول الشتاء، والسيول الجارفة والانهيارات التي تحدث نتيجة للأمطار الغزيرة وغيرها.

ولعل خطورة هذه الحالات تنبع، في جانب منها، من أنها قليلة الحدوث، فلا نعطيها الأولوية التي تستحق ولا نعدّ لها العدّة فتأخذنا على حين غرّة وتقع الكارثة.

ولقد خبرنا في بداية الموسم المطري لهذا العام حادثتين مؤلمتين، كان لهما آثار كبيرة على عائلات المصابين فيهما أولاً وعلينا جميعاً.

نتمنى لو أن الذي وقع لم يقع، لكن التركيز من الآن فصاعداً يجب أن يكون – وعلى نحو جاد وعاجل – على الدروس المستفادة وعلى عمل المطلوب لمنع تكرار حدوث ما حدث أو التقيل من آثاره ما أمكن.

ونحن على يقين بأن الجهات المعنية كثيرة وأنها قادرة على صياغة استراتيجيات وخطط احترازية، كل واحدة منها في مجال عملها.

أمران لا بد من التأكيد عليهما هنا.

الأول، ويتمثل في إعطاء الحالات المشار إليها أعلاه الأهمية التي تستحق، فهي رغم قلّة حدوثها تحدث بين الفينة والأخرى. فمنذ سنوات طويلة ونحن نسمع ونشاهد في التلفاز المنظر يتكرر: «سيول مفاجئة تداهم البيوت في أنحاء المملكة كافة، وتجرف السيارات، وتجر الناس وتقتلهم».

فكون هذه الحالات قليلة الحدوث لا يبرر إهمالها أو إعطاءها أهمية متواضعة. بل على العكس من ذلك، المطلوب من الآن إيلاؤها الأهمية التي تستحق، وبالذات في ضوء التغيرات المناخية التي أخذت تؤثر على كوكبنا على نحو غير مسبوق؛ وبما أننا جزء من هذا الكوكب فهي تعنينا بالضرورة، وسنشهد المزيد من هذه الظواهر.

أما الأمر الثاني، فيتمثل في أن نعد خطة وقائية استشرافية محكمة بداية كلّ عام للتعامل مع هذه الظواهر، يتم التركيز فيها على بعدين على الأقل: بُعد الإعداد والاستعداء والتهيئة والجاهزية من جانب الجهات الرسمية والأهلية المعنية، وبُعد التوعية للمواطنين.

لا يكفي أن نكتفي بالتحذير في النشرات الجوية من «أخذ الحيطة والحذر» ومن التنبه «لتشكل السيول».

على المؤسسات المعنية أن تحدد مناطق الخطر المحتمل، وتبقي كوادرها قريبة منها، وتمنع المواطنين من دخولها أو تجلي العائلات القاطنة قريباً منها.

أما البعد التوعوي فهو من مسؤولية الإعلام والأجهزة الرسمية المعنية والمؤسسات التربوية. لا بد من أن نعزز في أطفالنا وشبابنا ومواطنينا الحس بالخطر والوعي بما يجب فعله بسرعة وكفاءة قبل أن تقع الواقعة.

ما حصل محزن ومفجع، لكن يهمنا أن لا يحصل المزيد منه. وهذه مسؤولية المعنيين كافة.