في اخر حارتنا، يسكن (حموده) ...وانا أحسد هذا الفتى ..لحجم ما يحظى به من حب، ربما هو في السادس في السابع لا أعرف بالتحديد، ولكني كلما نزلت من الشارع صباحا وجدته واقفا منتظرا باص المدرسة..
حمودة لا يقف منفردا ، ماما دائما معه ..والوالد أيضا ينتظر معه والسيرلانكية تحمل الحقيبة، واحيانا تشاهده نصف نائم ..يترنح بين حضن الماما...وأكف الوالد ، وبين قبلات (الماما)، ونظرات الإعجاب من (البابا)، وأحس بقلب الأم ..حين يغادر ويركب الباص أحس بقلبها يغادر معه .
لحظتها تعود بي الذكريات، حين كنت في مثل عمر (حمودة) ..فقد أوكلت لي مهمة القيام (بصبة ميلان)..قبل قدوم الشتاء وكنت اصحو قبل العصافير بقليل..ملاطفا أكياس الإسمنت وحاملا لها فوق سطوح منزلنا ..
من سجايا عائلة حمودة، أن السيرلانكية..تحمل معها سندويشة وعلبة عصير، وأثناء الإنتظار يقضم حمودة قليلا من السندويشة ويشرب العصير، وتلاعب الماما خصلات شعره الناعمة...وتحضن رأسه قليلا، ثم تسرح بيدها ما تناثر من (الغرة) وأنا بصراحة لولا خوفي من ردة فعل الماما، لأخبرتها أن حمودة زاد وزنه كثيرا عن السنة الماضية، لقد أصبح لفرط السمنة مثل ( اسطوانة الغاز) تماما وعلى العائلة أن تخفف من إطعامه السكريات .
لماذا لست مثل حمودة، لماذا في الصف الرابع مثلا تعرضت لتوبيخ تخلله مجموعة من (الشلاليت )، حين وصلت للمدرسة متاخرا نصف ساعة ، والسبب أنني في الطريق انشغلت بمطاردة كلب ضال، ونشبت بيننا معركة عنيفة استعملت فيها..كل الحجارة الموجودة في الشارع .
نحن من جيل يختلف،نحن جيل الإكتفاء الذاتي من الصبر والحب..ومن الأيام التي لوعتنا ولوعناها...وأنا لا أقارن بين جيلي وجيل حمودة، ولكني تمنيت لو أحظى بالدلال الذي حظي به .
على كل حال لن أطيل في الكلام، وما أود قوله هو سؤال للحكومة بسيط وسهل : (بدكوا حمودة يقطف زيتون ؟؟)
Hadi.ejjbed@hotmail.com
حمودة
11:00 15-9-2018
آخر تعديل :
السبت