أبواب

القصص الرقمية..تعلمنا الكثير

من منا لا يعرف برنامج حكايات عالمية ...؟ مسلسل رسوم متحركة يروي في كل حلقة قصة عالمية من قصص الشعوب وتراثهم وفلكلورهم ... من منا لا يتذكر ذلك الصوت الملائكي الذي كان يسرد القصص، وتلك الصور الكرتونية التي تتقمص الأدوار والموسيقى التصويرية التي ترافق الأحداث، وأغنية الشارة التي مازلنا ندندن بكلماتها: في قصص الشعوب طرائف لاتنتهي وعالم حلو بهي يسكن في القلوب ...في قصص الشعوب... من كل بلاد الدنيا من كل بقاع الأرض قصص شتى تروى حتى نعرف أحوال الانسان والكل هنا جيران... فإذا زرناهم بالصورة في أحلى دنيا مسحورة كي نتسلى صرنا أهلا.

تحكي القصصُ تجربةَ الإنسانِ وذلك من خلال تداول المعلومات عن نفسه أو عن الآخرين أو عن العالم، كما تساعده على فهم ثقافة الآخرين وتصور العالم من حوله، والأهم من ذلك أن القصصَ تساعد الفرد على تعلم المهارات واكتساب المعارف، فيمكن استخدام القصص لتدريس المواد الدراسية المختلفة، فهي تعزز التعلم الذاتي والتفكير النقدي، وتنمي مهارات التفكير ومهارات اللغة والمهارات الاجتماعية والفنية لكل من المعلمين والمتعلمين.

أدى انتشار التكنولوجيا في السنوات الأخيرة إلى ظهور جيل جديد من القصص وهو القصص الرقمية، وتعرف بأنها «شكل مبدع من رواية تدور حول حدث أو شخص أو مكان - يمكن أن تكون حقيقية أو خيالية - يتم فيها توظيف الصوت والموسيقى والمؤثرات الصوتية والنصوص والصور والرسوم والفيديو وذلك لخدمة الأغراض التربوية «. لقد أثبتت القصص الرقمية فعاليتها في العملية التعليمية فهي مناسبة للمتعلمين البصريين والسمعيين، وتضيف المرح والإثارة وتنمي القدرة على حل المشكلات، كما أنها تناسب الفئات العمرية المختلفة ويمكن استخدامها في معظم المجالات الدراسية.

لقد تطور المتعلمون بسبب ظهور وتطور التكنولوجيا وانتشارها السريع في هذا العصر، وقد وُصِف الجيل الحالي من المتعلمين بالمواطنين الرقميين في إشارة إلى الأشخاص الذين وُلِدوا أثناء أو بعد دخول التكنولوجيا إلى حياتنا، بينما وُصِف أولئك الذين ولدوا قبل هذه الفترة بالمهاجرين الرقميين، كما أن المتعلمين الخريجين في الوقت الحاضر يقضون أقل من 5000 ساعة من حياتهم في القراءة وأكثر من 10000 ساعة في استخدام التكنولوجيا.

وعليه فإن استخدامهم الواسع والمتفاعل مع التكنولوجيا أدى إلى تغيير تفكيرهم بشكل مختلف جذرياً عن أسلافهم، وهكذا أصبح المعلمون بحاجة إلى دمج وسائل التكنولوجيا المختلفة في بيئات التعلم لاستيعاب المتعلمين في هذا القرن، ومن هذه الوسائل القصص الرقمية التي تنتشر في المواقع الإلكترونية ويتفاعل معها المتعلمون لأغراض ترفيهية.

وبفضل التكنولوجيا التي تسمح بتشارك وإنتاج القصص الرقمية بطريقة سهلة ويمكن الوصول إليها، يمكننا إنشاء ومشاركة القصص الرقمية الخاصة بنا، وتوظيفها في خدمة العملية التعليمية، وتبرز أهمية استخدام القصص الرقمية في التعليم بأنها: تحسن من استيعاب المتعلمين وتبعد الملل عنهم وتساعدهم على توظيف جميع حواسهم، وتجعل عملية انتقال المعلومات تتم بشكل سهل وميسر، كما تضيف المتعة والتسلية إلى عملية التعليم والتعلم, وتكسب المتعلمين مهارات النقد والحوار والتحليل وتعطي فرصة لخيال المتعلم في تحليل وتفسير أحداث القصة.

هناك سبعة عناصر أساسية للقصة الرقمية هي: وجهة النظر Point of view وفيها يتم تحديد فكرة القصة ووجهة نظر راويها، واستفسار دراماتيكي A dramatic question)) وهو التساؤل الذي يجذب انتباه المتلقين ويتم الإجابة عليه في نهاية القصة، والمحتوى العاطفي Emotional content وفيه تتم مشاركة مشاعر المتلقين من خلال الحب والألم والفكاهة وغيرها من المشاعر، وصوت الراوي The gift of your voice الذي يهدف إلى مساعدة المتلقين على فهم أحداث القصة، وقوة الصوت The power of the soundtrack ومن خلاله يتم توظيف الأصوات والموسيقى التي تؤيد أو ترفض الأحداث الجارية في القصة والتي تزيد من درجة تفاعل المتلقين، والاقتصاد Economy بحيث يتم استخدام محتوى يكفي لسرد القصة دون إثقال كاهل المشاهد بتفاصيل لا داعي لها ويمكن إدراج الصور والرسوم والمشاهد والمعلومات الضرورية فقط لمحتوى القصة، والسرعة Pacingوتهدف إلى عرض تسلسل أحداث القصة بسرعة أو ببطء حسب طبيعة وعمر المتلقين.

تصنف القصص الرقمية وفقاً لطريقة إعدادها منها: القصص المصورة Photo Storiesوهي عبارة عن مجموعة من الصور الثابتة والنصوص، وفي هذا النوع من القصص تكفي معرفة كيفية الحصول على الصور مع كيفية عمل شرائح من برنامج البوربوينت وذلك لوضع الصور بداخلها لإعداد القصة، كلمات الفيديو Video Words وهي عبارة عن مجموعة من الصور أو العبارات لإنتاج قصة بسيطة وقصيرة، والعروض التقديمية Presentation وهي مجموعة من الصور والنصوص المدعومة بالحركة مع إضافة المؤثرات الصوتية ويعتبر هذا النوع من أكثر أنواع القصص الرقمية شيوعاً، والتمثيل المسرحي Staging وفي هذا النوع يتم التركيز على المشاعر والأحداث بالإضافة إلى عرض الحقائق، ومقاطع الفيديو Video Clipsوفيه يتم دمج الصور والنصوص والمحادثات لعمل قصة تدور حول موضوع معين ولها هدف محدد من وجهة نظر الراوي.

وللقصة الرقمية مكونات يجب توافرها وهي: الشخصية؛ يجب تحديد الشخصية الرئيسية والشخصيات الثانوية، العُقدة؛ وهي ما سيكتسبه المتعلم من هذه القصة أو المشكلة التي سيتم التغلب عليها، والإجراءات؛ ويقصد بها المراحل التي تربط مراحل القصة ببعضها، والذروة؛ وهي الأفكار والمعلومات المستفادة من هذه القصة أو الحلول لمشكلة القصة. وأخيراً الخاتمة؛ حيث يتم عرض موجز لأحداث في القصة وذلك في نهايتها.

إن أغلب البحوث التربوية اتفقت على أن القصص الرقمية تقدم العديد من المزايا للعملية التعليمية وذلك لأنها: تساعد في فهم المواد الصعبة والاحتفاظ بالمفاهيم الجديدة، حيث يسترجع المتعلمون ما يتعلمونه من خلال سياق القصة أكثر من غيرها، تقدم المادة العلمية بشكل ممتع ومشوق ومثير، وتنمي مهارات النقد والتحليل وذلك من خلال استنباط المعاني من القصة، و تزيد من تعاون المتعلمين وخصوصاً إذا طلب منهم إنتاج قصة مشتركة، كما تعتبر أداة تمكن من إكساب المتعلمين مهارات القرن الواحد والعشرين من خلال نقد وتحليل وتوليف الأفكار، ويمكن تطبيقها باستخدام استراتيجية الفصول المقلوبة وذلك لجعل دور المتعلمين أكثر إيجابية، كما تنمي المهارات الاجتماعية لدى المتعلمين وذلك من خلال النقاشات والمجموعات التعاونية، وتوفر نموذجا للتعلم المتنقل حيث يمكن مشاهدتها داخل وخارج الفصل الدراسي، وتمتاز بسهولة التخزين والاسترجاع والتعديل عليها في أي وقت، و تمنح المعلم والمتعلم فرصة للإبداع في إنشاء المحتوى التعليمي.

تعتبر القصص الرقمية من الوسائل الحديثة التي تم استخدامها في التعليم وأثبتت فعاليتها وقدرتها على خدمة العملية التعليمية، وما يميزها أنها تجعل المتعلمين نشيطين ومتفاعلين خلال عرض القصة الرقمية، فعند عرضها عليهم تثير انتباههم وتجذبهم نحو الموضوع وتسمح لهم بالتفكير والتخيل وطرح حلول للمشكلة الواردة في القصة، وهي بذلك تنمي مهارات التفكير العليا، كما أن تصميم المتعلمين للقصة الرقمية ينمي مهارات الحوسبة لديهم ويجعلهم منتجين للوسائط المتعددة، بالإضافة إلى تعلمهم أثناء تصميمها، كما تجعلهم يفكرون فيما يتعلمونه وليس فقط متلقين سِلبين للمعرفة.

Ameeneh@live.com