كتاب

الجوع.. المرض.. الخوف.. آفات تحاربها المبادرات الملكية

نواصل في هذا المقال في دلالات أرقام المبادرات الملكية السامية، كما قدمها معالي أمين عام الديوان الملكي رئيس لجنة متابعة المبادرات السامية، يوسف العيسوي، في حواره مع أعضاء جماعة عمان لحوارات المستقبل، فبعد أن رأينا كيف أن هذه الأرقام تكشف عن جزء من الجوانب الإنسانية في شخصية جلالة الملك عبدالله الثاني، ورأينا كيف أن جزءاً من المبادرات الملكية قد تم توظيفها وما زال لمحاربة آفة الجوع، فإن أرقاما أخرى من أرقام المبادرات تكشف عن رغبة جلالته في محاربة سائر الآفات التي تهدد الشرائح المحرومة من أبناء مجتمعنا، وفي الطليعة منها آفة المرض، المرتبطة ارتباطاً عضوياً بالجوع، لذلك كان من المهم أن تتلازم عملية محاربة الجوع مع محاربة المرض، وهو ما تقودنا إليه القراءة في دلالات أرقام المبادرات الملكية التي تسعى إلى تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، خاصة في المناطق المحرومة والنائية،حيث تحرص المبادرات الملكية على توفير جهد ووقت المرضى وذويهم من خلال تقديم ما يحتاجون إليه من دواء وعلاج في أماكن قريبة منهم، لذلك سعت المبادرات إلى تحسين بيئة العمل للكوادر الصحية لتشجيعها على العمل في الأماكن النائية،من خلال إقامة سكنات للأطباء فيها، كما قامت المبادرات الملكية بتطوير وتوسيع سبعة عشر مستشفى حكومياً وتزويدها بأحدث الأجهزة الطبية، وتبرز أهمية هذا الإجراء عند معرفتنا للعدد السنوي لمراجعي هذه المستشفيات والذي وصل إلى مليونين وأربعمائة وأربعين ألف مراجع سنوياً.

كما قامت المبادرات الملكية بإنشاء وتوسعة أربعة وثمانين مركزاً صحياً، مع تزويدها بالأجهزة الطبية الحديثة، ليستفيد منها سنويا مليونان وثلاثمائة وخمسين ألف مريض يضاف إلى ذلك الاهتمام الخاص الذي أولته المبادرات الملكية بمرضى الكلى، إذ قامت بتزويد المستشفيات بواحد وعشرين جهازا لغسيل الكلى، يستفيد منها سنويا تسعة عشر ألف وستمائة وخمسين مريضاً، تم التخفيف من معاناتهم ومعاناة ذويهم في الانتقال من منطقة إلى منطقة، للوصول إلى أجهزة غسيل الكلى، بكل ما يعنيه ذلك لهم من توفير للجهد والمال والمعاناة، وهنا يبرز بعد آخر من الأبعاد الإنسانية في شخصية جلالة الملك، تعكسها حربه على آفة المرض، التي يستفيد منها سنويا حتى الآن أربعة ملايين وثمانماية وستة آلاف وثمانية وخمسين مريضا، يراجعون المستشفيات والمراكز الصحية التي أنشأتها أو وسعتها أو طورتها المبادرات الملكية وزودتها بالأجهزة والمعدات الحديثة في إطار محاربة جلالته لآفة المرض.

بالتزامن مع حرب جلالته المعلنة على آفتي الجوع والمرض، فإن جلالته يشن حربا على الجهل، من خلال مساهمة المبادرات الملكية بتحسين البيئة المدرسية بشقيها المادي والمعنوي، وهي البيئة التي ينالها سبعة وعشرون بالمئة من إجمالي تكلفة المبادرات الملكية، التي تنصب على التخلص من أهم عيوب البيئة التعليمية في بلدنا، والمتمثلة في المباني المستأجرة ونظام الفترتين والاكتظاظ، واستبدال ذلك كله ببيئة تعليمية مريحة وحاضنة للإبداع، تبدأ من العناية المبكرة بمرحلة الطفولة، وهي المرحلة الأهم في التأسيس العلمي للطفل، من خلال إنشاء رياض الأطفال.

لتحقيق أهدافها في محاربة آفة الجهل، من خلال تحسين البيئة المدرسية، فقد أنشأت المبادرات الملكية مئة وسبع مدارس منها ثلاث عشرة مدرسة للتميز، وخمس مدارس مهنية، ومدرستان عسكريتان، يستفيد من هذه المدارس سنويا ثمانية وثلاثون ألفاً وثلاثمائة وخمسة وعشرون طالبا وطالبة. هذا إضافة إلى ثمانين ألفاً وثمانمائة وخمسة وثلاثون طالبا وطالبة، يستفيدون سنويا من مائيتن وخمس وخمسون مدرسة، قامت المبادرات الملكية بتوسيعها وصيانتها في مختلف مناطق المملكة، يضاف إليهم تسعمائة وأربعين طالبا وطالبة، يستفيدون سنويا من 47 روضة أطفال أنشئتها المبادرات الملكية في مختلف المناطق أيضا، مثلما يستفيد أربعة عشر ألفا وسبعمائة طالب وطالبة في خمسين مدرسة من مشروعات التدفئة الذي نفذته المبادرات الملكية في هذه المدارس، ناهيك عن ألف وستمائة وثمانون معلما ومعلمة استفادوا من أربعة أندية للمعلمين أنشأتها المبادرات الملكية، وبذلك يكون مجموع المستفيدين من حرب جلالته على آفة الجهل من خلال بناء بيئة تعليمية سليمة مائة وستة وثلاثون ألفاً وأربعمائة وثمانون طالبا وطالبة ومعلما ومعلمة.

ليس هذا الذي قلته في هذا المقال والمقال السابق كل شيء من دلالات القراءة في أرقام المبادرات الملكية، لكنني أحببت أن أشير إلى خيط دقيق يربط هذه المبادرات، هو رابط الحرب على الأعداء الحقيقيين للإنسان، والمتمثلين في آفات الجوع والجهل والمرض،وهي الآفات التي تتصدر حربها اهتمامات جلالة الملك، باعتبار أن هذه الآفات هي المرتع الخصب للتعصب والإرهاب، اللذان يشكل جلالته رأس الرمح في حربهما على المستوى العالمي.

Bilal.tall@yahoo.com