كتاب

• السياسي مثل التاجر لما يفلس .

مثل التاجر لما يفلس يدور في دفاتره القديمة .. هذا مثل شعبي ينطبق على واقع الحال , التاجر عندما يفلس يجد في البحث عن قرش متروك هناك ودين نسيه هناك وربما يرجع عن عفو منحه لمدين وهكذا , السياسي وحتى رجل الشارع , عندما يضيق به الحال يفتش عن أي سبب ويلعن ما فاته من فرص ويقول وهو يقلب كفا بكف يا ريت ما كان وياريت فعلت كذا وما فعلت كذا .

السياسي يلقي باللائمة على غيره لفشل أدائه وتراجع شعبيته والإقتصادي يرمي الضائقة الإقتصادية بحجر , ورجل الشارع يفتش عن اللصوص المفترضين الذين نهبوا ماله وهو مال الشعب طبعا , ويقول طبعا الحكومة مفلسة فقد سرقها الكبار، وكل مسؤول جاء «ريش» كما يقال باللهجة المحكية وهو جاء حتى ينهب .

الأسبوع الفائت شهد حالات كثيرة كهذه , فهناك من لا زال يلوم مسؤولين تركوا المسؤولية منذ سنوات طويلة جرت من تحتها مياه كثيرة ولا زالوا بنظر متتبعي آثارهم متهمين ويجب أن يحملوا أسباب تراجع الإقتصاد ومعاناة مالية الحكومة وكل ملفات الفساد بما فيه السطو على البنوك .

و عندما يعجز البعض منا عن الإبتكار يلوم غياب تكافؤ الفرص والواسطة , أنا لا أقول أن تكافؤ الفرص عال العال وأن الواسطة ماتت و هذا بالنسبة لعامة الناس , لكن ماذا بالنسبة للمسؤولين ممن أخذوا فرصتهم أكثر من مرة , لماذا لم يغتنموا الفرصة وبدلا من نجاح يذكره لهم التاريخ والناس فشلوا ولم يكتفوا بالفشل بل صبوا جام غضبهم على معيقات مصطنعة , الم تكن يا هذا صاحب قرار .

هناك من عاد يقلب في دفاتر الخصخصة مجددا فالمؤسسات من وجهة نظره بيعت بتراب المصاري وأذكر أن نائبا مفذلكا , ما عاد نائبا لله الحمد أطلق نكتة سمجة وصف فيها الخصخصة بالمصمصة وهو الوصف الذي لم أتمكن من فهم معناه الا في سياق المرادفات على طريقة الأغنية الشهيرة ,» لحلحلني وأنا لحلحتو» !!. .

حسنا سأعتبر الوصف بإعتباره ضربا من ضروب البلاغة أو السجع في اللغة التي تتفتق فيها قريحة الخطباء , وأظنها بلاغة لم تكن موفقة لأن حجم الإيحاءات التي تحملها هذه الكلمة لا يعد ولا يحصى , لكن لا أريد هنا أن أخصص هذه الزاوية المحببة الى قلبي في نهاية الأسبوع لسبر غور هذه الكلمة كمصطلح ودلالة وووقع على أذان المستمعين لكنها بذيئة بلا معنى ولا دلالة ..

بتنا نلعن النتائج ونغوص في نقدها وننسى الأسباب , وهي فينا , هذه فاتحة تقودنا الى محصلة نعرفها ونعيها لكننا نغمض أعيننا عنها , فإذا أردت أن تعرف سبب المشكلة فتش عن المستفيد منها , كذلك إذا أردت أن تعرف سبب توجيه الأنظار الى ما هو أبعد فتش عن المستفيد من هذا التضليل . فعنده العجز اليقين فيما آلت اليه الأحوال , والأغرب هو إدعاء الحكمة بأثر رجعي .

خلو عنكم الحكمة فهي متأخرة وحتى وهي كذلك فمقاصدها غير بريئة .