ثقافة وفنون

عوادين يوقّع باكورة أعماله الروائية «المثلث المقلوب»

وقّع الروائي محمد ارفيفان عوادين مساء أول من أمس، باكورة أعماله الروائية» المثلث المقلوب»، الصادرة حديثاً في إربد، بمشاركة الشاعرين: عبد الرحيم جداية وأحمد طناش شطناوي، إلى جانب المحتفى بروايته، فيما أدار فقرات الحفل القاص د. حسين العمري.

استهل الحفل الذي نظمه ملتقى إربد الثقافي بالتعاون مع منتدى عنجرة وملتقى المرأة، وأقيم في قاعة غرفة تجارة إربد، وسط حضور جماهيري، الشاعر جداية بورقة نقدية تناول فيها محاور الرواية، وجاءت تحت عنوان:» تمثيلات الوعي في رواية المثلث المقلوب»، حيث لفت في مقدمة الورقة إلى مفهوم التمثّل والتمثيل، معتبراً أن التمثيل هو الناتج الفكري للتمثل في صيغ وصور، وهو يأتي على شكل صور ومشاهد في النص الروائي.

كما عرض لكينونة الرواية، مبيّناً أن الرواية كائن قائم بذاته وبعلاقاته مع الكائنات الأخرى، وهي أيضا مخلوق يتنفس، وأن الرواية مادة، كما أن الرواية عمل كوني يتحرك مع خطوط الكون المستقيمة والمنحنية، مشيراً إلى أهمية التشكيل الكوني الذي برز في رواية المثلث المقلوب والتي قامت على مثلثين، أحدهما تاريخي، والآخر عاطفي.

وعرض لتمثل الشخصية وتمثيلاتها في الرواية، منوهاً أنها قدمت العديد من الشخصيات الرئيسية، والثانوية، ضمن مجتمعات متغايرة في الأردن وسوريا ومصر والبوسنة، مشيراً إلى أن الروائي قدم لنا تمثله الخاص للشخصية ممثلة في الجوانب التالية، الشخصيات البسيطة، التي تقوم بأدوار محددة دون رسم ملامح مميزة لها مثل شخصية « حنان»، وشخصية موظف الفندق، وشخصية البقال، ومن الشخصيات التي تعامل معها الروائي الطلبة العرب الذي قابلهم في منتدى الصداقة.

ومن الجوانب التي قدمها جداية للشخصيات، الشخصيات المرسومة، وهي شخصيات كما يرى أكثر تعقيداً في العمل الروائي، ومنها، شخصية « وليد» الشخصية المرسومة في بعدها النفسي، وشخصية» هيام» و « مايا»، ومن الجوانب أيضاً الشخصيات المنحوتة والتي تعتبر الشخصيات المركزية والتي تشكل مصدرا للسيادة في النص، ومنها: شخصية «فوك» التي رسمها من الخارج، وهي شخصية تدور حولها أحداث الرواية.

إلى ذلك من الجوانب التي قدمها للشخصيات، الشخصيات المستحضرة، ومنها، شخصية» كافكا» الروائي الشهير صاحب رواية « تحريات كلب»، وميلان كونديرا صاحب رواية «كائن لا تحتمل خفته»، كما عرض للشخصيات الماورائية، الشخصية المؤسطرة أو الخرافية، ومنها شخصية ظل الرجل النسر، كما عرض للشخصيات الغائبة التي لا وجود لها، مثل شخصية والدة» مايا».

وخلص الشاعر جداية في ورقته النقدية إلى أن السرد في الرواية ربط بين واقع مصر الحديث وحضاراتها القديمة، كما ربط بي بين واقع سوريا الحديث وحضارتها في باب « توما»، وواقع الأردن الحديث وحضارته في بادية الشام وقصيْر عمرة، مختتماً حديثه عن الجملة في البناء الروائي التي اعتبرها، فكر، ثقافة، رؤية، حضارة، سياسة، إلى جانب أنها تعبير عن المكان.

ومن جهته قال الشاعر شطناوي في شهادته التي جاءت تحت عنوان « وأغلقت الرواية»، إن القارئ والمتأمل والمتمعن والمتفحص مثلث العوادين المقلوب، في سرديته ولغته وتراكيبه الإبداعية وفلسفة تجربته الحياتية، حتماً سيقف مشدوها مدهوشاً تتملكه الحَيرة، كيف لهذا الرجل أن يغوص في أعماق اللغة والإبداع في فترة قصيرة لم تصل إلى العامين.

ولفت النظر إلى أن الروائي تجول بين النجاح والعشق والتجوال وتقلب الأحوال، ثم تهادى إلى اغتراب الشاب وتفانين الغربة والالتزام بالعادات والتقاليد، ولكنه لم يتجرد من المشاعر البريئة في العشق والهيام في عالم التعلق.

واعتبر أن عوادين توّج روايته بفلسفة مميزة تطارح الحمام هديله في أسلوبها اللغوي وطريقة إدراجها من خلال حديث الروح مع الجسد، أما من جهة الإضاءات التاريخية والتوثيق التاريخي لأحداث عايشها بطل القصة في سراييفو وأيام الحرب والمآسي التي حصلت أثناء تلك الفترة، فكانت إبداعية الوصف رغم ما تحمله من أحزان وجراح.

وخلص شطناوي إلى أن روعة الخاتمة التي ختم بها هذا عوادين روايته، تجعلك بين حمامتين تستكشفان كل تلك الأحداث من بداية الرواية لنهايتها، فتخرجان من نفق النجاة لتقصا تلك الأحداث على عجوزين يحتسيان فنجان من القهوة على شرفة أطلت على الماضي واستشرفت حاضر البطل الذي يعيش، إلى ذلك ألقى قصيدة من وحي الرواية أهداها للروائي عوادين.

بدوره قدم الروائي عوادين المحتفى بروايته شهادة إبداعية تسلسل فيها إلى منطلقات العمل وزمانه، مستهلا ورقته بالحديث عن المرحلة التاريخية التي عاشها شعب البوسنة والذي كان يشكل أحد أذرع الدولة العثمانية، والذين لم تقف معاناتهم من ذلك الوقت، بل كلما مضى الزمن تجددت المعاناة، وفي عصرنا الحالي تجددت المأساة بعد وفاة الرئيس اليوغسلافي « تيتو»، حيث طمع الصرب باحتلال البوسنة.

وبين في معرض حديثه أن روايته «المثلث المقلوب» تعتبر تجسيداً إنسانياً ووجدانياً لمأساة شعب البوسنة الذي حاول الدفاع عن إسلامه الذي قصد الصربيون والكرواتيون استلابه وتدميره، مبيناً أن هذه الأحداث دفعته لكتابة الرواية.

وزاد أن الرواية تسعى لعرض طريقة رحيل الناس من مكان للآخر أثناء الحرب التي دارت في البوسنة، وأن الرواية أضاءت صوراً كثيرة لنسوة افتقدن أزواجهن وأولادهن، مستندة بذلك على شخصية» فوك» الشخصية الصربية الشاهدة على مذابح الصرب في البوسنة.

وأضاف قصدت من الرواية ربط الثقافة الشرقية بالعربية، كما سعيت إلى تبيان حال الطالب العربي في بلاد الغربة، أما عن لغة الرواية فأشار إلى أنه اختار بناءاً روائياً تمثل في البعد التاريخي والبعد العاطفي الإنساني، إلى ذلك بيّن أن الرواية هي دعوة اجتماعية لتعميق مفاهيم الوطن والهوية.

وأشار الروائي عوادين في نهاية ورقته إلى أهمية الالتفات إلى الرموز الأردنية التي تستحق أن تدار حولها الأعمال الروائية، ومن هذا المنطلق سيتناول في عمله الروائي القادم شخصية أردنية هامة والتي كتب عنها الشاعر عز الدين المناصرة قصيدته الشهيرة» بالأخضر كفّناه»، وهذه الشخصية هي الشهيد الأردني زياد القاسم.

وفي ختام الحفل تم تكريم المشاركين بتقديم الدروع لهم لجهدهم بتفكيك الرواية وعرضها للحضور، إلى ذلك تم تقديم درع تكريم للمحتفى به.