مادبا - الرأي - فيما ينشغل تجار ومستثمرو القطاع السياحي في محافظة مادبا هذه الأيام بالحديث عن هموم وتحديات تعصف بقطاعهم، في وقت لم تعد به دكاكينهم ومرافقهم السياحية توفر احتياجاتهم وكلفهم التشغيلية بسبب تراجع أعداد السياح، تؤكد سياحة مادبا ارتفاع عدد زوار المدينة أكثر من خمسين ألف زائرٍ للعام الحالي.
«تحديات انتهت إلى إغلاق نحو خمس محلات لبيع التحف التراثية من أصل 25 محلا بشارع السياحة في قلب المدينة» حسبما يقول التاجر، صخر الزواهرة الذي لا يملك تصوراً حقيقياً لمآلات حرفته بعد أن أفنى فيها زهرة شبابه.
مادبا.. ممر للطيور المهاجرة
ويتمثل التحدي الأبرز للزواهرة في نمطية البرامج السياحية التي جعلت من مركز المدينة ممراً للسياحة لا مقراً. يقول «أرقام صمّاء من عشرات السياح تأتي إلى مادبا يومياً، لكنا لا نراهم في محلاتنا»، واصفاً ما يحدث اليوم من اختلالات في حرفته بـ»الخطة الممنهجة لإخراج المدينة من سياقها السياحي والأثري».
«سياق» يشبهّه علاء حداد (صاحب محل للشرقيات) بالحلم، وهو يرى مدينته تغادر هدوءها لتدخل الصخب والضجيج ليس في مجمل شوارع المدينة فقط، بل في شارع أريد له ان يكون سياحياً بعد أن فتح ذراعيه أمام سوق الحرف اليدوية لبيع التحف التراثية، لكنه صخب أحال السياح إلى طيور مهاجرة.
يقول: «خُطفت الابتسامة عن وجه مدينتنا، وبتنا معها رهائن قلق يومي على مستقبل محلاتنا ومطاعمنا وفنادقنا السياحية».
شوارع مكتظة بزوامير المركبات
احتلال المركبات شارع مادبا السياحي طوال النهار لم يعد مزعجاً للتجار فقط، بل يعتبره حداد سبباً في طرد السياح من شارعهم، يقول: «إن مرّ السياح مرور الكرام لا يستطيعون التنقل بين دكاكين الشارع بسبب اكتظاظ المركبات وإزعاجاتها اليومية».
يتلوى شارع السياحة في اختراقه عشرات المحلات وسط المدينة السياحة, (33 كيلو مترا جنوب عمان)، في انزعاجه من زوامير مركبات لا تهدأ في شارع بدا اليوم لا يشبه نفس المدينة وتاريخها، فيما يكتفي الجميع بترديد إسطوانة الإنكار لمشهد لا تكفي مجرد رغبات الناس في تغييره.
عائلات تعيش على عوائد السياحة
بالنسبة ليوسف جميل الصوالحة (صاحب محل شرقيات) فإن دائرة الخطر لا تقتصر عليه وعلى التجار فحسب، بل شملت أيضا عائلات تعمل في مجال الحرف اليدوية من منازلها؛ لتترزق ببيعها بعد عرضها بدكاكين تدفع 2000 دينار بدل أجرة سنوية.
ثماني نساء يعملن في التطريز ثم يبعن منتجهن لدكان الصوالحة للشرقيات، حسبما يؤكد الصوالحة الذي يخشى من استمرار الانتكاسة في القطاع السياحي؛ فيضطر معها إلى الاستغناء عن أعمال السيدات ومنتجاتهن.
لا يختلف الأمر كثيرا في فنادق مادبا ومطاعمها السياحية عن محلات التحف التراثية والشرقية، فالأزمة طالت الجميع، وسط غياب خطة إنقاذ رسمية تشرك القطاع الخاص في تبني معالجات جوهرية في التخفيف من أثار وكلف فتور السياحة على مجمل المستثمرين في المدينة.
من يطوّق أزمة مادبا السياحية؟
يلحّ أشرف القسوس (صاحب فندق 1880) على الحكومة الأردنية في تطويق أزمة مادبا التي تدخل عامها السابع، عبر تقديم قروض بنكية بفوائد معقولة تمكّن المستثمرين من البقاء في المدينة بدلاً من هجرة القطاع إلى غير رجعة.
أرقام وإحصائيات مدير السياحة
بالمقابل يستعين مدير سياحة محافظة مادبا، وائل الجعنيني بلغة الأرقام ليرد على كل ذلك، بقوله: بلغ عدد زوار مادبا للعام الحالي 204 ألاف و 967 زائرا حتى نهاية شهر تشرين الثاني الفائت، في حين توقف الرقم للعام الفائت عند 147 ألف زائر.
وأكد الجعنيني في حديث إلى «الرأي» التزام جميع الرحلات السياحة بمسار واحد، يمر عبر وسط المدينة وشارع السياحة مع استثناءات قليلة يجري العمل مع الوزارة وهيئة تنشيط السياحة لاتخاذ إجراءات وتدابير تحول دون تكرارها.
يتطلع الجعنيني لزيادة فترة مكوث السائح في مادبا وخصوصاً أن هناك نحو 21 موقعاً سياحياً تقدّم خدماتها السياحة في محافظة انفردت بهوية فسيفسائية خلال العامين الفائتين، إذ حازت مادبا لقب مدينة الحرف العالمية للفسيفساء الحجرية من مجلس الحرف العالمي، إلى جانب انضمامها إلى شبكة اليونسكو للمدن المبدعة.
وعن عدم شراء بعض المجموعات السياحية من دكاكين الحرف التراثية يقول الجعنيني: «لا يوجد منطق وآلية لدفع السائح عنوة للشراء من محال بعينها أو حتى من محافظة محددة، لكننا في الآن ذاته نضع مساراً سياحياً يشمل محطاتنا السياحية بما فيها شارع الحرف التراثية».
وفيما يخص إغلاق شارع السياحة أمام حركة السير أكد الجعنيني وجود مخاطبات رسمية من أجل إغلاق الشارع؛ ليتمكن الزائر من التنقل بين الدكاكين بهدوء، عازيا إغلاق بعض المحال إلى أسباب خاصة بمالكيها أو لسوء الإدارة التسويقية.
وبحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة لعام 2016، فقد زار موقع جبل نيبو 11095 سائحا، و147927 سائحا لكنيسة الخارطة، و6798 سائحا لمركز زوار مادبا، و7933 زائرا لجبل مكاور.
تتميز محافظة مادبا بوجود أكثر من 45 موقعا سياحياً وأثرياً أهمها جبل نيبو، وكنيسة الخارطة، والمغطس، وأم الرصاص، ومكاور والمتنزه الأثري والمتحف، بالإضافة إلى كنيسة الرسل.
مادبا..هموم سياحية تخطف المدينة من سياقها الأثري
12:00 13-12-2017
آخر تعديل :
الأربعاء