أحيانا يقولون لي من قبيل المدح :- (والله انك حوت ) ...وأنا أفكر في الموضوع مطولا وأسأل نفسي هل أنا حوت ؟...مع أنني أخاف الماء كثيرا , واخر مرة مارست فيها السباحة , كدت أن أغرق لولا أحدالاصدقاء فقد قام بدفعي إلى طرف البركة ..ولكني أقبل الوصف , فأنا حوت ألتهم كل الأسماك الصغيرة , ومن يجرؤ على الوقوف أمام زحفي ؟
وأول أمس قمت ببث حلقة عن الفيصلي , فتحدث معي أحد المشجعين وقال لي بالحرف الواحد :- ( والله انك حصان يا أستاذ) ..وأنا فرحت بالوصف وظننت أني لست بالحصان العادي , فأنا حصان طوع كل الميادين , وجموحه يرهب الفرسان وبدأت في داخلي أسمع صوت الصهيل , واضرب بحافري على الأرض ..كم هو جميل أن تكون حصانا لا تسبقه الريح .
ولي صديق , دائم الإتصال بي وهو بدوي أصيل من معان , وقد طلب مني أمرا ما في عمان ونفذته له , وتجدث معي هذا الصباح شاكرا وقال لي :- ( انت ذيب ما عليك زود) ..كنت أقود السيارة متجها إلى موعد , وظننت في لحظة أن الناس ستشاهد ذئبا خلف المقود , والنساء البطيئات في القيادة ....سيرهبهن منظري , كنت متجها لمقابلة (طارق البيطار)..وقلت في داخلي أن البيطار سيحسب حسابا لي , حين يدخل عليه الذئب وربما سيصدر بطاقة شحن مدفوعة سلفا إسمها ( بطاقة الذئب) وعليها صورتي.
تخيلوا حتى صديقي (فراس مهيرات ) علق على مقالة لي أمس بجملة :- (أسد يا مجالي) ..نعم أنا أسد , وخرجت من مكتبي , متذكرا زئير الأسود ..وزأرت بأعلى صوتي , قلت في داخلي لابد من لبؤة في المكان , تحوم حولي ..لابد من معركة طاحنة أخوضها هذا الصباح , وأفتك فيها بخصم ما ..لكن أحدا في الغابة لايجرؤ على الإقتراب من الأسد ..
في الشهر الذي مضى , لم يبق حيوان إلا وتم وصفي به , لدرجة أن أحدهم صرخ بي قبل اسبوع على الإشارة الضوئية حين اتخذت مسربا خاطئا :- (يا حمار) ...وأنا لا أعرف هل هذه الأوصاف تأتي في إطار المدح أم الذم ..أم ماذا ؟
لماذا حين يحبك أحدهم , يعبر عن حبه بوصفك حيوانا مفترسا ..مع أن لغات العالم كلها ..فيها كلمات أرق وأعذب , إلا لدينا تركوا الجمل المعبرة في لغة واسعة وجميلة وصرت مرة ذئبا ومرة أسدا , ومرة ..(حوت) ..وأنا لا أنفي عني أيضا أني وصفت بالحمار .
مواضيع ذات صلة