ألقاب الزير سالم
أقدم شعراء الجاهلية من قبيلة بني تغلب.. اسمه (سالم) أو (عدي) بن ربيعة.. وله ألقاب عديدة من أشهرها: (الزير سالم).
أما تسميته بالزير فقد سماه أخوه كليب (زير النساء) أي جليسهن.
ولُقب بِ(المهلهل) كذلك , لأنه كان يلبس ثياباً مهلهلة، وقيل لقب بسبب قوله:
- لما توغل في الكراع هجينهن
- هلهلت من أثار مالك أو منبلا
كما يقال أنه لقب مهلهلاً لأنه هلهل الشعر أي رقَّقهُ.
و(أبو ليلى) وهي كنيته.. وذلك لأنه في صغره رأى رؤيا ينجب فيها فتاة واسمها ليلى لها شأن... فلما تزوج أسمى فتاته بذاك الإسم وزوجها كلثوم بن مالك من بني عمومتها وولد منها عمرو بن كلثوم بن مالك صاحب المعلّقة.
كُليب أخ الزير!
وكان الزير سالم يسكن منطقة نجد الملك (كُليب) - ملك العرب - في ذلك الوقت.
و كان الزير سالم ناظماً للشعر مقلّاً فيه فهو ينظم الأبيات التي تخدم مشاعره في المواقف التي يمر بها.. وكان شعره رقيقاً ناعماً لذا سمي بالمهلل لأنّه ابتعد في صياغة شعره عن الجزل والبلاغة ورقق الشعر وهلهله فلقب ايضا بالمهلهل.
كانت حياته تقتصر على اللهو والشرب والصيد... بعيداً عن سياسات الحكم وتعقيداته إلى أن قتل أخوه الملك على يد (جساس) فنقلبت حياته من اللهو واللعب إلى حياة الإنتقام والثأر من قبيلة بكر.
و أستمر قتاله لها مدة (40) عاماً بحرب سميت (حرب البسوس) صال فيها الزير سالم وجال وقتل وأهلك كل من يقع أمامه منفذاً وصية أخيه في العشرة أبيات التي كتبها له على صخرة عندما غدر به (جساس) و أوصاه بها أن لا يرحم منهم كبيراً، ولا شيخاً، ولا فتاة!!.
وقد ظهرت في تلك المعارك فروسية المهلهل وشجاعته، وتناقل الرواة أخباره، وأصبحت شخصيته رمزاً
للفارس المغوار في كثير من القصص الشعبية.
وعلى كثرة المعارك التي قادها إلا أنه لم يمت فيها،
وتقدمت به السن، فاعتزل الناس، وارتحل إلى اليمن، ثم قرر العودة إلى قومه، وفي
طريق العودة لقيه عمرو بن مالك بن ضُبَيعة البكري، فأسره وبقي في الأسر حتى مات،
وقيل في سبب موته غير هذا.
عندما مرض الزير!
وعندما بلغ الزير سالم الثالثة والخمسين عاد للشرب والانكفاء طوال الوقت على قبر أخيه الملك كليب يعد الروؤس التي حول القبر.
فأحس بألم في ظهره وطلب من ابن أخيه الجرو ابن كليب أن يتلقى علاجه في مصر، فانطلق إلى مصر يرافقه عبدان، فمل العبدان منه واتفقا على قتله!!
إلّا أنّه أحس بالمكيدة التي دبرها العبدان.. وقام فأنشد عليهما بيتين من الشعر وصاهما بحملهما إلى القبيلة بعد قتله.
فقتل العبدان الزير سالم وعادا إلى القبيلة باكيين منتحبين، فأنشدا البيتين من الشعر على اليمامة ابنة الملك كليب.. وأخبراها بأن تلك وصية الزير سالم لها، ففطنت هي لمعنى الأبيات وعرفت أنّ عمّها المهلل يقصد شيئاً آخر من خلال تلك الأبيات.. مشيراً إلى أن هولاء العبدين هم من غدروا به فقتلوه.. فليقتلا!! فقتلوا العبدين بنفس الساعة.
أمّا عن مكان قبر الزير سالم فهناك روايات تقول أن القبر يوجد في منطقة تدعى وصاب التي هي جزء من السلسة الجبيلية الغربية في اليمن المطلة على سهول تهامة، حيث يوجد بها قبر الزير سالم حيث يبلغ طول القبر حوالي الستة أمتار، وعرضه مترين، وأهم ما يميّز تلك المنطقة تسمية معالمها بأسماء مناطق بني هلال والحرب التي قام بها الزير سالم.
الجليلة والتبع اليماني
وكانت الجليلة من جميلات بني بكر، وهي تعتبر شاعرة أيضا، خطبها كليب ابن عمها لكن خالتها سعاد (البسوس) أرادت تزويجها إلى واحد من أفضل ملوك ذلك الزمان وهو التبع اليماني وذلك بعد أن زينتها في عينيه حيث أنها سوف تكون صفقة العمر بالنسبة لخالة الجليلة.ولكن وبحيلة قام بها كل من :وائل بن ربيعة، وجساس بن مرة أخوها ثم إنضم إليهم الزير سالم وإمروئ القيس.قتل التبع اليماني.
قصائد الزير سالم
أبيات شعريّة قالها الزير سالم بعد مقتل أخيه كليب :
كأني إذ نعى الناعي كليباً
تطاير بين جنبي الشرار
سألتُ الحي أين دفنتموهُ
فقالوا لي بأقصى الحيّ دارُ
أهاج قذاء عينيَ الادكارُ
هُدوءًا فالدموعُ لها انهمارُ
وصار الليل مشتملاً علينا
دعوتكَ يا كليبُ فلم تجبني
وكيف يجيبني البلدُ القَفارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
ضنيناتُ النفوس لها مَزارُ
أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ
لقد فُجِعتْ بفارسها نِزارُ
سقاك الغيثُ إنّك كنت غيثاً
جليلة بنت مرة
إحدى نساء بني شيبان من قبيلة بكر بن وائل وزوجة كليب بن ربيعة التغلبي، وهي أيضاً أخت جساس بن مرة قاتل زوجها كليب.
تزوج كليب بن ربيعة جليلة بنت مرة وكان لها عشرة أخوة أصغرهم يدعى «جساس «، وجاءت امرأة عجوز تُدعى (البسوس) فنزلت في جوارهم وكان لها ناقة يقال لها سراب.
فمرت إبل لكليب بسراب وهي معقولة بفناء بيت البسوس، فنزعت الناقة عقالها واختلطت بإبل كليب الذي كان على حوض الماء ومعه قوسه وسهامه فلما رآها أنكرها ونزع سهماً رماها به فمزق ضرعها فنفرت وهي ترغو وقد اختلط لبنها بدمها فلما رأتها البسوس صاحت: واذلاه!!..وامجيراه!! وثارت ثائرة جساس فأسرع إلى فرس له فركبها وحمل معه سلاحه وتبعه أحد فتيان قومه وانطلق الفتيان ثائرين حتى دخلا على كليب فقال له جساس: يا أبا المحامد عمدت إلى ناقة جارتي فعقرتها فقال كليب: أكنت مانعي من أن أذود عن حماي!
فاشتد الحقد والغضب من جساس وعطف عليه فرسه وطعنه برمحه وأقبل عمرو فطعنه أخرى وسقط كليب فقتل جساس كليب غدراً لانه لا يستطيع مواجهة كليب فقد كان كليب من العشرة اقوى فرسان العرب والذي منهم أخيه المهلهل.
وقعت جليلة بنت مرة بين شقي الرحى، فلقد قتل أخوها جساساً زوجها كليب بن ربيعة، وفي مأتم كليب اجتمع عدد من النسوة قلن لأخت كليب: رحّلي الجليلة - أي اطرديها - عن مأتمك، فإن قيامها فيه شماتة وعار علينا عند العرب.
فقالت لها أخت كليب: يا هذه، أخرجي عن مأتمنا، فأنت أخت واتِرنا «الواتر – القاتل»، فخرجت جليلة وهي تجر أعطافها، ولما رحلت جليلة قالت أخت كليب: رحلة المعتدي، وفراق الشامت! ويل غدًا لآل مرة، من الكرة بعد الكرة.
فبلغ قولها جليلة، فقالت: وكيف تشمت الحُرَّة بهتك سترها، وترقُّب وَتْرها! أسعد الله جد أختي، أفلا قالت: نفرة الحياء، وخوف الاعتداء! ثم أنشأت تقول وترثي زوجَها كُليْبًا، الذي قَتَلهُ أخوها جسَّاس :
يابْنةَ الأقوامِ إن لُّمْتِ فَلا
تَعْجَلي باللَّوْمِ حتَّى تَسْأَلِي
فَإِذَا أَنتِ تَبَيَّنْتِ الَّتي
عندها اللَّومُ فَلُومِي واعذِلِي
إن تَكُنْ أختُ امرِئٍ لِيمَتْ
علَى جَزَعٍ مِّنها عَلَيهِ فافْعَلي
فِعلُ جَسَّاسٍ علَى ضنِّي بِهِ
قاطعٌ ظَهْري ومُدْنٍ أَجَلي.