كتاب

أزمة قطر إلى أين؟

لا يبدو أن هناك تقدماً ولو لخطوة واحدة باتجاه حلحلة الأزمة بين قطر من جهة وثلاث دول خليجية ومصر من جهة أخرى. وفي كل يوم تزداد الأزمة تعقيداً.

الدول الأربع قدمت مطالب محددة ولن تقبل بالحلول الوسط، والعقوبات التي فرضت على قطر لم تصل بعد إلى الدرجة التي ترغمها على الرضوخ، لأنها كما يبدو تستطيع أن تعيش تحت الظروف الراهنة إلى أجل غير مسمى اعتماداً على احتياطاتها المالية الطائلة واتصالها بالعالم جواً وبحراً مثل كل جزيرة في البحر.

الدول الأربع ترفع درجة الضغط مرة بعد مرة، وقطر تزداد ثقة بالقدرة على الصمود يوماً بعد آخر، وبالتالي فإن الأزمة مرشحة للبقاء زماناً طويلاً دون طائل ما لم تحدث معجزة.

ليس من المؤكد أن تبقى الأزمة داخل البيت الخليجي، فهناك أطراف لديها تطلعات ومطامع، وترى أن الفرصة مواتية، وفي المقدمة تركيا وإيران.

علاقات تركيا وإيران مع قطر ليست جزءاً من الحل بل على العكس، فالدول الأربع لا تتوجس خيفة من تصرفات قطر بما في ذلك دعم الإرهاب في سوريا وليبيا، والتحريض ضد الأنظمة العربية، بل من فتح الباب للتدخل التركي الذي بدأ بالفعل بإقامة قواعد عسكرية في قطر وحشد قوات فيها، والتدخل الإيراني الذي بدأ بانتهاز الفرصة لفتح السوق وتزويد أسواق قطر باحتياجاتها والظهور بمظهر المنقذ ليس حباً بقطر بل نكاية بالسعودية.

في مثل هذه الحالات تخطر بالبال الحلول الوسط، والواقع أن معظم مطالب الدول الأربع لها بالفعل حلول وسط ولكن المشكلة تكمن في انعدام الثقة، إذ دلت التجربة أن قطر يمكن أن تقدم تنازلات وتعهدات ولكنها لا تلتزم بها كما حدث في الأزمة السابقة.

لم يبق في جعبة العقوبات المفروضة على قطر سوى وضعها تحت الحصار البحري ومنع السفن البحرية من الوصول إليها، ولكن خطوة كهذه تحمل معها مخاطر عديدة ليس أقلها الاصطدام بالسفن التركية والإيرانية.

والنتيجة أن أياً من الطرفين لن يستطيع في المدى المنظور أن يفرض إرادته ويكسر إرادة الطرف الآخر، فلا بد من قوة مقبولة ثالثة تقوم بدور البوليس العالمي، فهل تدخل أميركا على الخط وتكتب اتفاقاً بين الطرفين تكفله أميركا هذه المرة؟.

رد من شركة البوتاس العربية

ورد إلى «الرأي» الرد التالي من رئيس مجلس إدارة شركة البوتاس العربية جمال الصرايرة على مقال الكاتب الدكتور فهد الفانك في عدد يوم الأربعاء الموافق 26 من الشهر الجاري تحت عنوان «ثروات ليست في متناول اليد».

وجاء في الرد بداية تعريف بالشركة وقانون الإمتياز الذي تعمل بموجبه، فقد تأسست شركة البوتاس العربية كشركة مساهمة عامة في عام 1956، وقامت حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بمنح الشركة امتياز إستكشاف أملاح ومعادن البحر الميت في عام 1958 ولمدة مائة عام من تاريخ المنح وذلك بموجب اتفاقية الامتياز الموقعة بين الحكومة الأردنية وشركة البوتاس العربية والتي جرت المصادقة عليها بموجب القانون رقم 16 لسنة 1958. وينتهي هذا الإمتياز بعد مرور 100 عام من تاريخ المنح، وبموجب المادة (8) من اتفاقية الامتياز تقوم شركة البوتاس العربية بدفع عوائد للحكومة وبالنسب المبينة في المادة المذكورة، وبما لا يزيد بمجموعه عن 25% من صافي أرباح الشركة بعد تنزيل الضرائب.

وقد حددت تلك الإتفاقية منطقة الإمتياز (وبموجب خارطة تفصيلية) في منطقة البحر الميت والتي يحق لشركة البوتاس العربية ممارسة حق الاستخراج وبيع الأملاح والمعادن والمواد الكيماوية منها، ولم تشمل منطقة الإمتياز الممنوحة للشركة بموجب إتفاقية الإمتياز، ومنذ العام 1958، منطقة اللسان من البحر الميت، حيث كانت تعتبر منطقة اللسان تلك، وقبل إتفاقية السلام، منطقة عسكرية حساسة لا يسمح للقطاع المدني العمل فيها.

وفي هذا المقام، لا بد من توضيح بعض الأمور حتى تكتمل الصورة حول مسألة السعي لتطوير انتاج البوتاس في منطقة البحر الميت لدى القارئ الكريم، حيث بدأت الدراسات الاستكشافية في منطقة اللسان من البحر الميت في الستينيات من القرن الماضي، وأشارت الدراسات الفنية التي أجريت إلى وجود خامات البوتاس وبكميات كبيرة في تلك المنطقة. ولكن الدراسات التي اجريت حتى الآن تعتبر غير حاسمة فيما يتعلق بحجم وتكوين مخزون البوتاس في منطقة اللسان، وبالتالي فإنه لا بد من إجراء دراسات فنية ومالية مفصلة من قبل شركات متخصصة عالمية، لتحديد الجدوى الاقتصادية من استخراج البوتاس من منطقة اللسان . وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدراسة المتخصصة تتطلب خبرة فنية دقيقة في هذا المجال وتستغرق مدة زمنية طويلة لمعرفة نتائجها وتحليلها.

وأؤكد هنا على أمرين هامين؛ الأول هو أن الحكومة الأردنية هي صاحبة السيادة، والمسؤولة بالتالي عن منح أي حقوق تعدينية لخامات البوتاس في منطقة اللسان، وتمارس سيادتها وصلاحياتها بالمضي في هذا المشروع، وهي صاحبة الحق في منح حق تعدين جديد لمادة البوتاس في منطقة اللسان إذا ما تبين لها ملاءمة ذلك من النواحي الفنية والمالية والتنافسية وبما يحقق المصلحة الوطنية، مع الأخذ بعين الإعتبار الأسس التشريعية والتنظيمية المعمول بها في الأردن في تنظيم الاقتصاد الوطني بشكل عام وصناعة البوتاس الأردنية بشكل خاص.

أما الأمر الثاني فهو أن الشركات المؤهلة للقيام بالدراسة الفنية لمنطقة اللسان من البحر الميت لا بد من أن تكون شركات متخصصة في هذا المجال وذلك لتتكمن من إجراء الدراسة بشكل فني دقيق لا يؤثر بشكل سلبي على طبقات المخزون الموجودة في المنطقة ويؤثر لاحقا على إمكانية استخراجها كما أنه لا بد من إجراء الدراسة بشكل منظم لتجنب أية تبعات سلبية على العمليات التصنيعية والمنشآت القائمة لإنتاج البوتاس في منطقة البحر الميت.

ومن الجديرذكره، أن شركة البوتاس العربية قامت بالتواصل مع الحكومة بشأن إجراء الدراسات الإستكشافية لمادة البوتاس في منطقة اللسان من البحر الميت، وعبرت عن اهتمامها بذلك لا سيما وانها تعتقد أنه في حال وجود مخزون من البوتاس من الممكن إستخراجه بشكل مجد إقتصادياً، فمن المتوقع أن تكون كلفة إنتاج طن البوتاس الواحد من منطقة اللسان أقل كلفة من كلفة إنتاجه من مياه البحر الميت.

ومن الطبيعي أن يكون لامتلاك الشركة بنية تحتية صناعية متطورة في منطقة امتيازها المحاذية لمنطقة اللسان أثاراً على قدرتها في الحد من كلف الانتاج والأداء الأمثل في المسألة التصنيعية. وإن مما لا شك فيه أن الخبرات المتراكمة لدى الشركة في مجال استخراج البوتاس وتسويقة، وكذلك الخبرة في مجال إقامة الصناعات التكميلية المجدية لمادة البوتاس وتسويق إنتاجها، ناهيك عن امتلاك الشركة لموطىء راسخ في منطقة البحر الميت تقوم عليه مصانعها ومنشآتها، يعطي الشركة أفضليات تمكنها من تقديم الأنسب من العروض للحكومة، وعلى المستويين الفني والمالي والتنافسي.

وتمخضت اتصالات الشركة مع الحكومة بهذا الخصوص عن موافقتها على قيام شركة البوتاس العربية بإجراء الدراسات الإستكشافية لخامات البوتاس وطبيعة تشكيلها في منطقة اللسان، وخصص مجلس إدارة الشركة، على إثر ذلك، الموارد المالية اللازمة لهذه الدراسة المكلفة والتي قد تصل إلى حوالي 12 مليون دينار. وهنا لا بد من التأكيد مرة أخرى على أن دراسة استكشاف خامات البوتاس وطبيعة تشكيلها في منطقة اللسان، والجدوى الاقتصادية لاستخراجها وتسويقها إنما هي دراسة متخصصة تتطلب خبرة فنية دقيقة في هذا المجال تلتزم بأرقى الممارسات العالمية في هذا الشأن، وتستغرق مدة زمنية طويلة لمعرفة نتائجها وتحليلها واتخاذ القرارات بناء عليها.

وتبين التفاصيل أعلاه الأسباب وراء الدعوة الحكومية لإجراء الدراسة في هذا السياق، وإذا ما تبين أن مشروع استخراج البوتاس وتسويقه مجد من الناحية الاقتصادية فستقوم شركة البوتاس العربية بالسعي للحصول على حق استخراج البوتاس من منطقة اللسان من الحكومة الاردنية، وإضافتها إلى عملياتها التصنيعية القائمة في منطقة البحر الميت.

ولا بد هنا من تصحيح بعض ما وقع فيه الكاتب من توصيفات تخالف الحقائق؛ حيث اشار الكاتب الى ان الاردن وإسرائيل فقط يستخرجان البوتاس من المحلول الملحي، وهذا مخالف للواقع، فهناك فى الصين صناعة مشابهة جدا فى شركة Qinghai Salt Lake ، وبطاقة انتاجية تزيد على 4 ملايين طن من البوتاس سنويا. ونذكر هذه الحقيقة للتوضيح ليس إلا، مع إعادة التأكيد على على أن المفهوم الذي يقوم عليه مقال الكاتب بأكمله لا يتعلق بأدنى صلة بإستكشاف البوتاس في منطقة اللسان لأنها منطقة جافة، ولا ينطبق عليها ما ينطبق على عملية استخراج البوتاس من مياه البحر الميت.

وختاما، نعيد التأكيد على أنه لا توجد مشكلة في استكشاف احتياطيات البوتاس في منطقة اللسان على النحو المشار إليه أعلاه. فالحكومة الاردنية، أو شركة البوتاس العربية كطرف مهتم، بحاجة لأن تحدد بشكل علمي وحاسم حجم وتكوين مخزون البوتاس في منطقة اللسان قبل المضي قدما في أي تطويرات استثمارية إضافية.

تمتلك شركة البوتاس العربية تكنولوجيا ثابتة نجاعتها في استخراج البوتاس من البحر الميت، كما تمتلك الأذرع الفنية والادارية والتسويقية التي ثبتت فاعليتها. ونأمل أن تكون نتائج الدراسة المنوي إجراؤها في منطقة اللسان من البحر الميت إيجابية، وبشكل يدعو شركة البوتاس العربية إلى التنافس على الحصول على حقوق التعدين والاستخراج والتسويق للخامات فيها، وتوسعة إنتاجها مما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني. وهنا تجدر الإشارة إلى أن شركة البوتاس العربية تعتبر واحدة من أكبر المساهمين في المدفوعات لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية على شكل رسوم تعدين (وبالنسب المبينة في قانون الإمتياز وبما لا يزيد بمجموعه عن 25% من صافي أرباح الشركة بعد تنزيل الضرائب) وضريبة دخل (تخضع الشركة لشريحة 24% من الدخل الخاضع للضريبة) وتوزيعات أرباح (تبلغ حصة الحكومة – من خلال شركة إدارة المساهمات الحكومية – حوالي 27 % من رأس مال الشركة) ورسوم أخرى. حيث بلغت مجموع مدفوعات الشركة لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية على مدى الخمسة أعوام الماضية حوالي 415 مليون ديناراً.

أشكر الكاتب الدكتور الفانك على إهتمامه، واَمل أن أكون قد بينت الحقائق كاملة حول المسائل التي أثارها الكاتب.