إقتصاد

تقرير: تطور متوسط دخل الفرد خلال عهد المملكة الرابعة

مقدمة

يعتبر مؤشر متوسط دخل الفرد او حصته من الناتج المحلي الاجمالي من المؤشرات الاقتصادية العامة التي تقيس مدى تحسن/ تدني المستوى المعيشي للمواطنين في اي دولة. ويتم احتساب هذا المؤشر بقسمة الناتج المحلي الاجمالي للدولة على عدد سكانها (المواطنون وغيرهم)، اي بافتراض بسيط ان الناتج يقسم بالتساوي على جميع المواطنين. ويعلم الاقتصاديون وغيرهم بان هنالك كثيرا من العيوب تحوم حول استخدام هذا المؤشر لقياس مدى تحسن/ تدني المستوى المعيشي، الا انه ما زال يستخدم في جميع الدول وخاصة عند اجراء المقارنات فيما بينها والمقارنات الزمنية لنفس الدولة.

وفي الاردن، يتم من حين الى اخر تناول متوسط دخل الفرد بقليل من الدقة وغياب لتحليل متكامل للتطورات التي حصلت خلال السنوات الماضية، ويأتي هذا التقرير محاولة لتتبع وتحليل التطورات التي حصلت على صعيد متوسط دخل الفرد خلال الفترة (1999-2016)، اي في عهد المملكة الرابعة، بحيث يتم تحليل تطور متوسط دخل الفرد الاسمي، اي بالدنانير والاسعار الجارية وتلك على صعيد دخل الفرد الحقيقي، اي بعد تحييد اثر تقلبات الاسعار (التضخم).

متوسط دخل الفرد

الاسمي بالأسعار الجارية

ان المتتبع للبيانات الاحصائية للناتج المحلي الاجمالي وعدد سكان المملكة خلال عهدها الرابع اي الفترة (1999-2016) يلاحظ ان متوسط دخل الفرد الاسمي خلال هذه الفترة قد ارتفع بالمحصلة بأكثر من الضعفين (2.3 ضعف) عند مقارنة عام 2016 بعام 1999. الا انه يمكن تقسيم هذه الفترة الى فترتين، الاولى (1999-2011)، والثانية (2011-2016). فقد شهد متوسط دخل الفرد السنوي خلال الفترة الاولى ارتفاعات متتالية وبنسب مئوية متفاوتة، بينما شهدت الفترة الثانية انخفاضات متتالية وبنسب ايضا متفاوتة لمتوسط دخل الفرد. فخلال الفترة الاولى (1999-2011)، ارتفع متوسط الدخل من (1219.5) دينار سنوي للفرد في عام 1999 الى (3276.8) دينار سنوي للفرد في عام 2011، وبمتوسط زيادة بلغت 8.1% سنويا، علما بان متوسط النمو السكاني خلال نفس الفترة قد بلغ 2.3% سنويا. اما خلال الفترة الثانية (2011-2016)، انخفض متوسط الدخل الفردي من (3276.8) دينار سنويا عام 2011 الى (2782) دينارا سنويا للفرد لعام 2016، اي بمتوسط انخفاض نسبته (-3.2%) سنويا. وقد جاء ذلك لسببين رئيسين: الاول، الزيادة غير الطبيعية في عدد سكان المملكة والتي نجمت بشكل رئيسي عن تدفق اللاجئين السوريين، والثاني بسبب تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي خلال نفس الفترة، اذ ارتفع عدد سكان المملكة خلال الفترة (2012-2016) بما نسبته 9.7% سنويا، بينما حقق الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الجارية نسبة نمو بلغت في المتوسط 6.0% سنويا (الجدول رقم 1).

من جانب اخر، وفي حال تم استثناء الزيادة السكانية غير الطبيعية خلال الفترة (2012-2016)، وبافتراض استمرار نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي بنفس المعدل، فانه كان من الممكن ان يصل متوسط الدخل الفردي الى (3936) دينار سنوي عام 2016، اي بارتفاع يبلغ ثلاثة اضعاف عما كان عليه متوسط الدخل في عام 1999 (الجدول رقم 2).

متوسط دخل الفرد

الحقيقي بالأسعار الثابتة

يعتبر متوسط الدخل الحقيقي مؤشرا ادق لقياس مدى تحسن/ تدني المستوى المعيشي للمواطن، اذ ان الزيادة في الدخل دون النظر الى الزيادة في مستوى الاسعار لن تقيس بدقة تحسن القوة الشرائية، فمثلا لو فرضنا ان الدخل الاسمي ارتفع بنسبة 5% خلال فترة معينة بينما ارتفع مستوى الاسعار بنسبة 7% خلال نفس الفترة، فبالتأكيد ان مستوى معيشة المواطن ليس بأفضل مما كان عليه في الفترة السابقة، اذ ان القوة الشرائية لدخله قد انخفضت بحوالي 2%. لذلك، فان استخدام مؤشر دخل الفرد الحقيقي يقيس مدى تحسن/ تدني متوسط الدخل بعد تحييد اثر ارتفاع الاسعار، اي يقيس تحسن/ تدني القوة الشرائية للدخل مع مرور الوقت.

ان المتتبع لمتوسط الدخل الفردي الحقيقي (وكما يظهر في العمود الاخير من الجدول رقم 1) خلال الفترة (1999-2016) يلاحظ انه قد تضاعف بحوالي 1.3 ضعف عند مقارنة عام 2016 بعام 1999، اذ بلغ متوسط الدخل الفردي الحقيقي لعام 2016 ما قدره (2376.8) دينار سنويا مقارنة بما قدره (1829.3) دينار عام 1999. ولا بد من الاشارة هنا الى ان هذه الفترة شهدت فترتين متناقضتين من حيث الاداء، الفترة الاولى (1999-2011)، اذ شهد متوسط الدخل الفردي الحقيقي ارتفاعات متتالية وبنسب متفاوتة بلغت في المتوسط 4.3% سنويا، حيث ارتفع متوسط الدخل الحقيقي ليبلغ (3145.7) دينار سنوي للفرد عام 2011 مقابل (1829.3) دينار للفرد عام 1999. اما خلال الفترة الثانية (2011-2016)، فقد شهد متوسط الدخل الحقيقي انخفاضات متتالية وبنسب متفاوتة بدء من عام 2012، وبنسبة بلغت في المتوسط -5.3% سنويا، حيث انخفض الدخل الحقيقي من (3145.7) دينار سنويا للفرد عام 2011 الى (2376.8) دينار سنوي عام 2016. وتعود الاسباب الرئيسية لهذا التراجع بالدرجة الاولى الى الزيادة السكانية المضطردة بالإضافة الى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الاسعار (التضخم) خلال السنوات الثلاث (2011-2013) من الفترة قيد التحليل (2011-2016).

وكما تم افتراضه في حالة احتساب متوسط الدخل الفردي الاسمي، اي استثناء الزيادة السكانية غير الطبيعية خلال الفترة (2012-2016)، وبافتراض استمرار نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي بنفس المعدل، فانه كان من الممكن ان يصل متوسط الدخل الفردي الحقيقي الى (3363) دينارا سنويا عام 2016 مقابل (1829.3) دينار سنوي عام 1999، اي بارتفاع يبلغ حوالي الضعفين (1.8 ضعف) مقارنة بما كان عليه متوسط الدخل الحقيقي في عام 1999 (الجدول رقم 2).

وفي الخلاصة يمكن القول ان الاقتصاد الوطني وانعكاسه على دخول المواطنين كان يسير في الاتجاه الصحيح لولا التطورات الاقليمية واثارها المباشرة على المملكة من تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاعات غير طبيعية في السكان، حيث كان من المتوقع ان يتضاعف متوسط الدخل الفردي الاسمي بأكثر من 3 اضعاف (3.2 ضعف) عند مقارنة عام 2016 بعام 1999 في حال بقيت معدلات النمو السكاني عند مستوياتها لما قبل عام 2011. وبالرغم من كل التطورات المشار اليها، فقد ارتفع متوسط الدخل الفردي خلال عهد المملكة الرابعة (1999-2016) بأكثر من الضعفين (2.3 ضعف) ليبلغ (2782) دينارا سنويا للفرد عام 2016 مقابل (1219.5) دينار سنوي للفرد عام 1999. كذلك، واذا ما تم تحييد اثر تقلبات الاسعار، فقد ارتفع متوسط الدخل الحقيقي للفرد (القوة الشرائية للدخل) خلال الفترة (1999-2016) بأكثر من الضعف (1.3 ضعف) ليبلغ (2376.8) دينار سنوي للفرد عام 2016 مقابل (1829.3) دينار سنوي للفرد عام 1999.