كتاب

طريق الجنوب

حالما تغادر جسر المطار , وأنت متجه للجنوب ..تشعر بفقر التنمية تماما ..السيارة وحدها تشعرك بذلك , فالإهتزازات التي تتعرض لها , تجعلك تظن في لحظة ما أنك واقع في معركة مع الطريق ..

أكثر من ألف مقال كتب , وألف شكوى ..ومئات الحوادث , وعشرات الأرواح أزهقت وفي النهاية لم يتغير الطريق ..مجرد عمليات (ترقيع) تمت هنا وهناك ..

نحن أكثر بلد في العالم أنتج فيه (المقاولين) ومع ذلك طرقنا مدمرة , ونحن أكثر بلد أنتج فيه تجار الشقق والإسكانات ثروات طائلة .. ومع ذلك تنهار لدينا بنايات , وكل يوم نقرأ عن قيام الدفاع المدني بإخلاء عمارة ايلة للسقوط .. ونحن أكثر البلدان في المنطقة , والتي خرجت الجامعات فيها كما هائلا من المهندسين الزراعيين ..ومع ذلك تتمنى أن تجد ولو شجرة واحدة على الطريق الصحراوي ولكن للأسف لايوجد .

تحزن كثيرا , وأنت تقاتل في الطريق .. وتحزن حين تقرأ الأخبار فهم يقولون يوما أن العطاء قد أحيل , وفي بعض المرات يؤكدون أن التنفيذ مطلع العام القادم ..ثم يعودون ليؤكدوا أن رصد المبالغ ..قد انتهى ,وفي النهاية ..عليك أن تعبر هذا الطريق بكل الخوف والألم .

على الأقل , لو زرعوا في الطريق مجموعة من الشجيرات , تنسيك اهتزازته ومصائبه ...لو وضعوا مجموعة من يافطات الهيئة المستقلة للإنتخابات ...لو أنهم , أقاموا على بعض الجوانب مستنبتا , يجعلك تقف وتشتري بعض النباتات ...لكنهم لم يفعلوا شيئا سوى أنهم تركوا بقايا , عجلات (الكاوتشوك ) المهترئة , كشهادة على بؤس الحال .

حين تمشي في الطريق الصحراوي تتذكر بيت المتنبي (على قلق كأن الريح تحتي أوجهها جنوباً أو شمالا) ...هو الطريق الوحيد ربما في العالم , والذي تلعب فيك الريح عليه ..وأنت لا تتمنى أن تصل في لحظة بقدر ما تتمنى السلامة ..وتقليل الضرر الذي حدث للسيارة ....