محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الأغذية الفاسدة

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
أ. د. كميل موسى فرام كلنا يدرك ويعلم أن بديهيات العمل التجاري ومهما كان شكله تتركز على تحقيق الأرباح المادية التي توفر للتاجر أو المستثمر مردودا ماليا يُفترض أنه ضمن حدود العقل والمنطق يحكمه الضمير وبعيدا عن الاستفراد أو استغلال ظروف محيطة تسهل من فرضية التفكير الجهمني، ويقيني بأن التلاعب بأي شكل من أشكال التجارة أو الاستثمار يدخل صاحبه ضمن المنظومة غير الأخلاقية التي تفقده فرصة الانتماء للجنس البشري، مشددا بأسف القول أن التلاعب بسلامة الغذاء والدواء يمكننا اختصاره بإنعدام الصفة البشرية لصاحب المؤسسة مهما كان مبرره حتى لو فكر بإلصاق التهمة أو تجيير الجريمة لآخرين تحت مسميات وأعذار ندركها جميعا بأنها أشكال متنوعة من الكذب والخداع والغش التي تغلف الضمائر برداء الصدأ المتآكل والعفن الذي ينخر بأبجديات العقل البشري، بل يمكننا ودون ندم أن ننعت هؤلاء بحيتان الانتماء للمملكة الحيوانية التي أثق بسكانها برفضهم لمثل هؤلاء، فكم نعرف عن فصيل واسع من الحيوانات التي تعلم الصدق والاخلاص والانتماء وتنبذ الخيانة والغدر.

قضية الأغذية الفاسدة التي دخلت الأسواق للمستهلك بما تحمله من خطر يهددنا تكتمل فيها كل أركان الجريمة القصدية؛ فتاجر الجملة يعرف حقيقتها بأنها أغذية فاسدة، تاجر التجزئة والأسواق والمطاعم اشترت هذه الأغذية بأسعار متدنية واستطاعت استغلال ثغرة الثقة والانشغال بأولويات الحياة ضمن فاصل لهيب الأسعار الذي يحرق الراتب والصحة، فتدخل بفاصل التسويق البذيء بعد التلاعب بالتواريخ المثبتة لانتهاء صلاحية الاستخدام، أو بتلك المطاعم التي طبختها بطريقتها مع التوابل والبهارات التي تطحن الحشرات والديدان وتغير الطعم والذوق، وكل ذلك ناتج عن مرض الجشع للكسب غير المشروع لنكتشف بعد زمن لا نعرف تحديدا متى بدا هؤلاء بجريمتهم المخططة، فهمهم يختلف عن همومنا ولديهم ثقة بقدر من الحصانة التي قد تضللنا فتحميهم، ثم نتساءل عن سبب زيادة مستوى الأمراض المختلفة؟

هل هناك تفسير آخر سوى إنعدام الضمير وتصفير درجة الأخلاق والانسانية بسلوك هؤلاء عندما ارتضوا أن يطعمونا الغذاء الفاسد؟ هل يجب علينا أن نسلك من الآن بتوفير مختبرات منزلية لفحص المواد الغذائية قبل تناولها على أن نحصل على دورات تؤهلنا لهذا العمل؟

المشكلة لا تقف عند حدود الخضار المسممة والدجاج الفاسد، فالعامل المشترك بينهما يتمثل بالربح الفاحش لأصحاب التجارة بمختلف درجاتها، إضافة لتساقط الأسهم الصحية في حياتنا، خسارة مضاعفة؛ مادية وصحية، ولكن ما يقلقني سؤال عجزت عن إجابته وأدخلني في حيرة البحث عن وجود أصناف أخرى من المواد الغذائية بنفس المواصفات الفاسدة، بل كيف تطلب مني أن أثق بأصحابا المزارع ومنتجاتهم بعد أن ارتضى شرذمة منهم المقامرة ببنود الصحة التي نملكها وكيف لنا أن نبرئهم من تهمة التآمر لتدمير البنية الصحية التي تمثل العامود الأساس للبقاء؟

لا نريد لفصول ملف الاستهتار هذا أن ينتهي قبل أن يقبع أبطاله بالسجون عقوبة يستحقونها، ونريد لهذه الأسماء التي تعلن حتى يعرف المواطن حقيقة هؤلاء الذين قامروا بحياتنا طمعا وجشعا، وربما كنت سعيدا بمعرفة الأسماء الحقيقية لأصحاب الجريمة بدلا من الاكتفاء باشارات تشتت توقعاتنا، فوجود اسماء ذات ثقل وتعتقد بقدرتها على القفز عن حواجز العقوبة مهما فعلت في قفص الجريمة مكبلين ومخفورين يبعث برسالة هي عنوان لأمنياتنا بأن لا تقتصر العقوبة على الصغار والمغلوب على أمرهم فهؤلاء لا يسرقون ما يزيد عن لقمة عيشهم وأبنائهم، وقفزوا عن حاجز الأخلاق بتجرد، وهي مناسبة لتوجيه رسالة شكر حصرية لمؤسسة الغذاء والدواء بكوادرها ومديرها القدير لممارستهم أدبيات الضمير وأثبتوا متابعتهم وحرصهم على سلامة الغذاء الذي نتناوله.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF