كتاب

.. وارمي في البحر

في نهاية كل شهر , أزور العقبة ..لا بد من ذلك , فالمثل يقول :- (إعمل خير وارمي في البحر) ..وأنا بطبعي أحب عمل الخير , وانطلق كي أرمي ما فعلته في البحر , وقد تعب البحر من كثر ما رميت به خيرا , لدرجة أن سمكة أظن نوعها (دينيس) صرخت علي في الاسبوع الماضي وقالت لي بصوت مرتفع :- (ارحم يا اخو خضرة ارحم) ...

العاملون في الجمرك يعرفونني , واخر مرة ..قال لي الموظف الذي يقوم بوضع الشاحنات على (القبان) للتأكد , من وزن الحمولة وعدم زيادتها عن الحد المسموح...قال لي بنوع من العتب البريء :- (ذبحتنا يا رجل مش لحقين ع حمولتك) ..وطلب مني مراجعة مدير الجمارك , وأنا بالطبع سأقوم بمراجعته هذا الأسبوع , كي يعطيني كتابا يسمح لي بتجاوز الأحمال المقررة فما تصنع يدي من خير ..لم تعد القوافل قادرة على حمله .

حين أفرغ حمولتي يتقاطر السمك , إلى الشاطيء , كل السمك في العقبة يعرفني , ويبدأ بمراقبتي ...أتذكر اخر مرة أفرغت فيها حمولتي من الخير أتذكر أن سمكة أطلقت صفيرا ...غريبا , كانت متفاجئة من حجم الحمولة ..وأنا اصلا لا أريد جميلا من أحد ولا أريد أن تعرف الحكومة أو غيرها من مؤسسات الدولة عن حجم الخير ..حتى لا يقروا ضريبة على حمولاتي .

عرض علي ناصر الشريدة تسمية , المنطقة التي افرغ فيها حمولتي باسم شاطيء الخير ,ولكني رفضت ذلك ..فأنا أحب أن أعمل بصمت ...ولكن أحد مستشاريه قدم إقتراحا ملفتا , وقد عرض علي تبليط جزء من البحر حتى يساعدني ذلك في تفريغ الحمولة ..وأنا رفضت قلت له :- هلا تريد مني أن أقبل بتبليط البحر ..لا يجوز ذلك , وكيف سترى الأسماك أعمالي الجليلية ؟

هناك صياد في العقبة إسمه (ابو حمزة) ...قال لي أيضا :- هل تعرف يارجل أنك حين تأتي إلى العقبة , السمك يقفز إلى شباكنا وحده ..سألته لماذا ؟ فقال لي :- يبدو أن الأسماك تعلمت درسا منك في العطاء وعمل الخير ...

للعلم حين أذهب للعقبة , أضع (شادرا) فوق الحمولة حتى لايرى الناس أعمالي ...وها أنا أجهز (شاحنتي) ..فالبحر ينتظرني ..

لا أعرف هل ستتعطل مطبعة الرأي من مقالي صباح اليوم , ربما فحجم (التشذب) الموجود فيه كفيل بتعطيل المطبعة ..

على كل حال لست وحدي من يكذب