فيلم «انقسام» (Split) (2017) هو الفيلم الرابع عشر من إخراج المخرج الأميركي المتحدر من أصل هندي م. نايت شيامالان الذي كتب سيناريو الفيلم وشارك في إنتاجه، كما قام بدور قصير في الفيلم، وهو من أفلام الإثارة والتشويق السيكولوجية. وهذا المخرج معروف بأفلامه ذات القصص فوق الطبيعية التي تقع أحداثها في العصر الحديث.
ويستمد فيلم «انقسام» عنوانه من انشطار شخصية بطل الفيلم كيفين (الممثل جيمس مكافوي) الذي يتقمص شخصيات متعددة يصل عددها إلى 23 شخصية متقلبة ومتنوعة تشمل الذكور والإناث والأعمار المختلفة، وهو بانتظار تقمص الشخصية الرابعة والعشرين والأخيرة والعنيفة، علما بأن هذا الرجل يعيش حياة طبيعية ويتلقى العلاج على يد خبيرة سيكولوجية. ويقوم كيفين باختطاف ثلاث فتيات صديقات بعد اشتراكهن في حفلة لعيد الميلاد، هن كيسي (الممثلة أنيا تيلور – جوي) وكلير (الممثلة هيلي لو ريتشاردسون) ومارشا (الممثلة جيسيكا يولا)، ويعزلهن في غرفة خالية من النوافذ، حيث يقدّم لهن الطعام والماء، ولكنه يدبّ فيهن الذعر عن طريق شخصياته العديدة المتغيرة في المظهر والعمر والتحوّل بين الذكور والإناث، بما في ذلك ظهوره كامرأة وكطفل في التاسعة من العمر. وتدرك الفتيات المحتجزات أن السبيل الوحيد للهرب يكمن في إقناع إحدى الشخصيات التي يتقمصها بإطلاق سراحهن، وذلك قبل ظهور شخصيته الرابعة والعشرين والأخيرة، وهي شخصية «الوحش».
وتحاول المعالجة السيكولوجية الدكتورة كارين فليتشر (الممثلة بيتي بكلي) منذ سنين تقديم المشورة لكيفين، ولكن دون أن تحقق أي نجاح. كما تحاول مع مساعدها (مخرج الفيلم م. نايت شيامالان في هذا الدور) مساعدة الفتيات الثلاث المحتجزات، ولكن دون جدوى.
وبعد سلسلة من التطورات التي تشمل محاولات فرار الفتيات الثلاث وتقمص كيفين لشخصيات متعددة واستخدام أسلوب العرض الاجتماعي، يقوم كيفين بعد أن يتقمص شخصية «الوحش» بقتل المعالجة السيكولوجية واثنتين من الفتيات الثلاث هما كلير ومارشا ونجاة الفتاة كيسي. ويفرج «الوحش» عن الفتاة كيسي بعد أن يكتشف معاناتها على يد عمها، وذلك لأنه يعفو عن الأشخاص الذين يتعرضون لمثل هذه المعاناة. ويقوم رجل بإنقاذ كيسي وتسليمها للمعالجين الطبيين.
ويشتمل المشهد الأخير لفيلم «انقسام» على مجموعة من الأشخاص الذين يجلسون في مطعم ويشاهدون تقريرا تلفزيونيا يتعلق بما فعله كيفين المضطرب عصبيا. ويذكر المذيع أن شخصية «الوحش» التي تقمصها كيفين تمثل خصائص الحيوانات القريبة من موقع القناة التلفزيونية. ويضيف شخص آخر أن شخصية «الوحش» تذكّرنا بالشخصية التي يقوم بدورها الممثل بروس ويليس في فيلم «غير قابل للكسر» (لمخرج الفيلم م. نايت شيامالان) في مشهد ختامي رمزي من ذلك الفيلم.
ويجمع فيلم «انقسام» بين العديد من المقومات الفنية، بما في ذلك قوة الإخراج وسلاسة السيناريو. كما يتميز الفيلم بقوة أداء الممثلين، وفي مقدمتهم الممثل جيمس مكافوي الذي ينجح في التجسيد الواقعي للشخصيات المختلفة لبطل الفيلم، معبرا عن خصوصية كل منها، والممثلة الشابة أنيا تيلور – جوي. كما يتميز الفيلم ببراعة التصوير وواقعية التفاصيل والموسيقى التصويرية.
ويواصل المخرج والكاتب السينمائي م. نايت شيامالان في فيلم «انقسام» تقديم أفلام الإثارة والتشويق السيكولوجية التي ارتبطت بشخصيته السينمائية والتي جمع معظمها بين التميز الفني والنجاح التجاري، ومن أشهرها فيلم «الحاسة السادسة» (1999) وفيلم «غير قابل للكسر» (2000) وفيلم «الإشارات» (2002). ومخرج الفيلم م. نايت شيامالان فنان متعدد المواهب الفنية التي تجمع بين الإخراج والتأليف والإنتاج والتمثيل. وبدأ الإخراج والتأليف السينمائي في سن الثانية والعشرين في فيلم «الصلاة بغضب» (1992). وأثبت هذا المخرج وجوده وصعد على سلام النجاح السينمائي قبل أن يبلغ سن الثلاثين في فيلمه الثالث «الحاسة السادسة» الذي جمع بين النجاح الفني والجماهيري، حيث فاز باثنتين وثلاثين جائزة سينمائية ورشح لست من جوائز الأوسكار، وبلغت إيراداته العالمية الإجمالية 673 مليون دولار، وبذلك يحتل هذا الفيلم المركز الثاني في الإيرادات بين جميع الأفلام الأميركية التي أنتجت في العام 1999. وعرض فيلم «انقسام» في مهرجانين سينمائيين هما مهرجان معهد الأفلام الأميركي السينمائي ومهرجان فانتاستيك فيست السينمائي الأميركي. ورشح هذا الفيلم لجائزة رابطة نقاد لندن لأفضل ممثلة شابة للممثلة أنيا تيلور – جوي. واحتل هذا الفيلم المركز الأول في قائمة الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية على مدى أسبوعين، وبلغت إيراداته العالمية الإجمالية 143 مليون دولار خلال أسبوعين. وافتتح الفيلم في 3038 من دور السينما الأميركية وعرض في 34 دولة حول العالم.
«انقسام».. فيلم يعاين أعماق النفس
12:00 11-2-2017
آخر تعديل :
السبت