عمان - بترا - ناقشت محاضرة القيت مساء أول من أمس في الجمعية الفلسفية الاردنية بعنوان «مشكلة الحب»، ومسألة الحب من منظور فلسفي.
وقال المحاضر الباحث مجدي ممدوح في رؤيته المغايرة للأسس التي يقوم عليها الحب إن الفكر الفلسفي ظل يردد المقولة الأفلاطونية حول الحب بوصفه يستند إلى المشابهة، والتي لم تعد قادرة على تفسير حالات الحب بشكل مقنع. وأشار الى أن أفلاطون في «حوار المأدبة» كرس هذه الفكرة عندما افترض أن النفوس عندما نزلت من عالم المثل انقسمت إلى قسمين، وغاية كل قسم هو البحث عن نصفه الثاني الذي انفصل عنه والذي يشبهه تماما.
ولفت إلى أن العرب تأثروا بالرؤية الأفلاطونية حول مسألة المشابهة حيث ذهب ابن حزم الأندلسي في رسالته المشهورة « طوق الحمامة في الألفة والإيلاف» إلى أن الحب يقوم على المشاكلة. ورأى المحاضر أن هذه النظرة الميتافيزيقية للحب لا تقدم رؤية حقيقية للحب، وقال «نحن نحتاج إلى نظرية معاصرة للحب تتفق مع المعارف المعاصرة، الفلسفية والسيكولوجية». وارتأى أن ينظر للحب من منظور نظريات الاتصال، لأن الحب في جوهره خروج من الذات للاتصال بذات أخرى، مبينا أن الغاية من هذا الاتصال هي الخروج من شرنقة الذات من أجل إغناء الذات والتوسع والاكتمال، بالإضافة إلى تحقق الذات على هيئة كيان خارج عنها.
وأوضح انه بناء على ذلك فإن المحب لا يبحث عن شبيهه، لأن المحب لن يحقق شيئا من الإغناء إذا اتصل مع هذا الشبيه الذي لا يملك ما يثير فضوله، ولكن الشخص الذي يثير الفضول ويشعل الشوق والرغبة في التواصل هو الشخص المختلف الذي يمتلك مساحات جديدة لا يمتلكها المحب.
وعلى هذا الأساس فإن الحب برأي ممدوح يقوم على مبدأ الاختلاف وليس على مبدأ المشابهة، معتبرا أن الحب يمتاز بصفة عامة وهي عدم خضوعه للمعايير العقلانية والسببية. وفي هذا السياق قال «نحن لا نعشق على سبيل المثال الشخص الذي يقدم لنا الخدمات والإسناد والعون في الحياة، بل ربما نعشق شخصا لم نعرفه إلا لبضع ساعات، ومن المعروف أن الحب يهزأ بكل الفوارق الطبقية والاجتماعية والثقافية والدينية ويحدث وفق معايير لا تمت بصلة إلى أي منطق معروف». وقدم المحاضر بعض النماذج الأدبية التي تدعم ما ذهب إليه حول الاختلاف، مشيرا إلى نصوص قصصية للقاصة سحر ملص اعتبرها على وعي بالإشكال الذي يطرحه الحب، ونماذج شعرية للشاعرة العراقية بشرى البستاني التي تقول في شعرها بشكل واضح ان الحب لا ينشأ إلا بين الأضداد.
وفي المحاضرة التي شهدت اختلاف اراء المتداخلين من الجمهور، ذهب بعضهم إلى التشبث بمبدأ المشابهة في الوقت الذي قدم بعضهم الاخر شواهد عديدة تدعم فكرة الاختلاف.