كتاب

بائع العلكة

كل يوم, حين أمر من اشارة وادي صقرة, أجد على الإشارة شاب ممتلئ الجسد, يمارس أبشع أنواع التسول, ببساطة يرمي العلكة التي يحملها على الشارع ثم يجلس بجانبها ويبدأ بجمعها, ومن ثم التظاهر بالبكاء ..

الرجال يعرفون أنه كاذب ودجال, أما الصبايا اللواتي في عمر الورد فتأخذهن العاطفة, ويبدأن بمناداته ويقمن بالدفع له...وأنا كل يوم اتصل مع عامر السرطاوي الناطق الإعلامي باسم الأمن وأخبره بالقصة..ويعدني عامر باتخاذ إجراء ..

تغضب, حين تجد من يرمي كرامته على الأرصفة لأجل التسول, وتغضب أكثر..حين يتكرر الدجل والزيف أمامك بشكل شبه يومي, وما من أحد يتحرك ..وأنا يذبحني المشهد, كيف لشاب في أول عمره..يسفك كل يوم دمعه على الأرصفة, ويمارس النذالة بكل ما تحمل الكلمة من معنى..ويستبيح الشوارع لأجل أن يقدم نموذجا في الإمتهان.

الإرهاب عدو لنا جميعا, والتسول حين يصير مهنة ويفقد الإنسان كرامته يصبح أشبه بالإرهابي, لأن الكرامة المهدورة, من الممكن أن يوظفها المال لأي غرض أو وسيلة.

الشوارع التي دفعنا إسفلتها وإشاراتها..وأرصفتها من أموالنا, ليست أماكن للتسول, لم نقم ببنائها ..من أجل ساقط مرتهن ينثر دموعه لاستدرار عطف الناس, والأردني اشتهر بين العرب بكرامته وعنفوانه وصبره..لايحق لأي متسول أن يشوه صورته, فالزوار الذين يأتون عمان يحبون أن يشاهدوا الأردني بالصورة التي يعرفونها فيها, وليس بالصورة التي يصنعها التشرد على الشوارع ...

منذ اشهر وأنا اتصل مع الأمن ووزارة التنمية, ولكن يبدو أن للتسول سلطة أعلى من سلطة القانون!.

منظر يزعجني جدا, وقد وددت الكتابة عنه..لأن الشوارع في بلدنا حتى الشوارع لها نبض وكرامة... ويجب حمايتها.

Hadi.ejjbed@hotmail.com