الاب رفعت بدر
ليست دعاية لمطعم، وإنما إضاءة على رسالته الكبيرة. فمطعم الرحمة انجاز أردني، تم تأسيسه العام الماضي في مثل هذه الأيام، بمبادرة من جمعية المحبة (الكاريتاس) الأردنية، ومطرانية اللاتين. وقد استأثر على مدار سنة بتغطيات صحفية قلَّ نظيرها. لماذا؟ لأنه مطعم خيري، يقدَّم وجبات غداء يومية لأي طارق باب ومجاناً. وبالتالي كان مبادرة لطيفة من مبادرات «سنة الرحمة» التي دعا إليها البابا فرنسيس، وحفلت بمبادرات انسانية نبيلة، في شتّى أطراف الأرض.
المبهر في المطعم هو إظهار أنّ عمل الخير ما زال موجوداً، وأنّ العمل المجاني ما زال ممكناً. فبالرغم من تنازع المصالح المادية لدى غالبية الناس، والسعي الحثيث وراء جني المال، بأي طريقة، وبالرغم من الجشع الموجود وعدم الشبع والرضى بما يسّر الله للانسان، لكنّ هنالك بصيص أمل يتمثل بمدّ يد العون للإنسان بشكل عام، بغضّ النظر عن الفروقات العرقية والأصولية والدينية والطائفية. والإنسان هو الإنسان المكتمل الكرامة وإن كان مجروحاً.
إن مبادرات من هذا النوع تقول بأن «لسّا الدنيا بخير، ولسّا في الدنيا خير». فألوف الوجبات قد تم تقديمها مجّاناً، وهي علامة على سلامة مجتمعنا ، وعلى إسهام الكاريتاس الاردنية التي تحتفل العام المقبل بخمسين سنة على تأسيسها، بالتعاون مع جمعيات رسمية وخاصة ، بتخفيف حدّة الفقر والحرمان، للعديد من الاشخاص والعائلات .
الأمر الملفت كذلك هو تضاعف أعداد المتطوعين للعمل. هنالك موظفو جمعية الكاريتاس والقائمون على سير إدارة وإنتاج المطعم لتقديم الطعام الساخن يومياً، وبما يتلاءم ومقاييس الجودة والصحة والسلامة العامّة. لكنّ هنالك أعدادا مذهلة، وفاقت التصوّر، من الشباب والشابات، وطلاب المدارس وصغار السن، من الاردن وخارجه ، قامت بالتطوّع وتفريغ طاقات الخير والايجابية في داخلهم. وهذا أيضاً مسؤولية تربوية على أصحاب الاختصاص والتربويين والمرشدين، في توجيه الشباب الراغب بعمل الخير بدون مقابل، وفي إرشادهم إلى جوانب وزوايا العمل الخيري النبيل.
برز المطعم كذلك في سنته الأولى كعنصر معزّز للأخوة الاسلامية المسيحية، وللوحدة الوطنية. وخلال شهر رمضان المبارك، تحوّلت وجبات الغداء اليومي إلى وجبات إفطار يومية. وكم كان المنظر حضارياً، وصدّر صورة ورسالة ساميتين، حيث كان المطعم مكتظاً بمتطوعين من جهة وبمستهلكين من جهة أخرى، يحيون أمسيات الخير والرحمة الرمضانية في مطعم الرحمة. وقد أصبح كذلك وجهة سياحية، قصدتها العديد من الوفود الرسمية، وتناولت فيها الطعام، وشجعت على المضي قدماً في مسارات المحبة والعطاء.
وبعد، يبدأ المطعم في جبل اللويبدة سنته الثانية، شاكراً للرب كل مجهود يبذل لإطعام المحتاج وطارق الباب، ومصمّماً على مواصلة درب الايثار: درب السعادة التي هي في العطاء وليست في الأخذ، ودرب الأخوّة التي لا تعرف تفرقة ابداً، ودرب التضامن الانساني الذي يكتب صفحات خالدة في أردن معطاء بغير حدود.
عيد ميلاد سعيد Happy Birthday لمطعم الرحمة ، ولسنين عديدة باذن الله ، وبسواعد الخيّرين.
Abouna.org@gmail.com