كتاب

حكاية «إبريق الزيت»

يتكرر الحديث منذ عام 1996 ،عن قصة توجيه الدعم الى مستحقيه ، مثل حكاية «إبريق الزيت» ، وكانت الحجة دائما أن كثيرا من المواد الغذائية المدعومة التي تثقل الموازنة بالعجز، تذهب الى المقتدرين أو العمالة الوافدة والسياح الأجانب ،والهيئات الدبلوماسية والمطاعم والفنادق ، فضلا عن الاتجار بالطحين المدعوم من قبل بعض المخابز، وكذلك بالنسبة للأعلاف حيث يتسرب بعضها الى السوق السوداء.

كانت الانطلاقة باللجوء الى الكوبونات ، كآلية لتوزيع الدعم للعائلات التي اعتبرت في حينه مستحقة للدعم ،ويقل دخلها الشهري عن «500 » دينار، وأذكر أن عملية توزيع الكوبونات شكلت إرباكا اداريا ومعاناة كبيرة لوزارة التموين وللمواطنين، الذين كانوا يزاحمون للحصول على الكوبونات ومستحقاتهم من المواد الغذائية المشمولة بالدعم ،وأذكر أنها كانت تضم» السكر والارز والحليب»، ولم يخل الأمر من واسطات.

وبعد مرور 20 عاما ،لا زالت قصة توجيه الدعم الى مستحقيه بندا رئيسيا ، في أجندة الحكومات والموازنات السنوية ،وقد كانت حاضرة في بيان الثقة الذي ألقاه رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي أمام مجلس النواب مؤخرا،وعادت بي الذاكرة الى عام 1997، حيث كنت أشغل وظيفة «مدير إعلام وعلاقات عامة « في وزارة التموين ،وجاء الدكتور الملقي في حينه وزيرا للصناعة والتجارة والتموين، وكان موضوع توجيه الدعم الى مستحقيه أحد أهم اهتماماته.

ونحن اليوم أمام مديونية وعجز موازنة ، يفوق ما كان عليه الحال قبل 20 عاما أضعافا مضاعفة ، والحديث عن توجيه الدعم الى مستحقيه يثير مخاوف وقلق غالبية الأردنيين ،حيث تفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، الناجمة عن سياسات داخلية وظروف اقليمية ودولية ، والتقديرات تشير الى أن العائلات التي تستحق الدعم ،هي من يقل دخلها الشهري عن ألف دينار ، بعد أن كان 500 دينار قبل 20 عاما.

لم يتضح بعد كيف سيتم توجيه الدعم الى مستحقيه ،فتجربة الكوبونات أعتقد أنها غير واردة ومجمل التكهنات على مستوى الشارع والبرلمان ،تشير الى توجه حكومي مخفي لرفع أسعار العديد من السلع ، وفرض ضرائب جديدة ،وزاد من هذه المخاوف ما أعلنه وزير المالية في مقابلة مع التلفزيون الاردني ،التي أفصح فيها عن اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي ، على ضرورة تحصيل مبلغ « 450» مليون دينار في 2017،ولم يحدد آلية تحصيل هذا المبلغ ؟

Theban100@gmail.com