خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مرة أخرى قال لي صلاح شادي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
بلال حسن التل ربطتني بعدد من الرموز والقيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين في العديد من مناطق العالم علاقات إنسانية, بعيداً عن دهاليز العمل التنظيمي, ومن بين هؤلاء الذين ارتبطت بهم المرحوم صلاح شادي, وصلاح شادي لمن لا يعرفه هو واحد من الذين رافقوا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها الأول حسن البنا منذ البواكير الأولى للجماعة, وتقلب فيها حتى صار نائباً لمرشدها العام, بعد أن أمضى سنوات طويلة من عمره في السجن ثمنا لانتماءه الإخواني, وكان قبل ذلك قد خسر موقعه كضابط في الشرطة المصرية منذ أيام الملكية, وينتمي الأستاذ صلاح شادي إلى أسرة مرموقة اجتماعياً, لذلك اتصف سلوكه عليه رحمة الله بالرقي والتحضر والتمدن وحسن الخطاب, والبعد عن التشنج واتهام الأخرين, وهي الصفات التي صرنا نفتقدهاعند الكثيرين من الإخوان المسلمين, في الأردن على الأقل رغم أنها من الصفات التي يجب أن يتصف بها كل من يعمل بالعمل العام, وبالدعوة إلى الله على وجه الخصوص.

مناسبة استعادة الحديث عن المرحوم صلاح شادي, واستذكار زيارته إلى الأردن بدعوة شخصية مني, فاجأت بها أبي عليه رحمة الله, ومن بعده المرحوم محمدعبد الرحمن خليفة « أبو ماجد» الذي كان في عنفوانه مراقباً عاماً للجماعة, يضبط إيقاعها وفق المصلحة الوطنية, اعترافاً من الرجل بفضل الأردن على جماعة الإخوان المسلمين ورعايته لها, وحمايتها لرجالاتها من الأردنيين ومن غير الأردنيين, ولعل هذا ما يفسر غضب الرجل عندما أبلغه المرحوم صلاح شادي بأن بعض الإخوان اسروا إليه أن الدولة تُضيق على الإخوان, وقصة ذلك أن أبا ماجد كان على سفر مُعد سابقاً قبل وصول المرحوم صلاح شادي الذي أصر عليه أن يتم سفره, وقد كان سفراً قصيراً, وفي أثناء هذا السفر طلب بعض الإخوان المسلمين اللقاء بالمرحوم شادي, وكانوا ممن عرفوا فيما بعد بمجموعة «التنظيم السري» وهؤلاء هم الذين حاولوا أن ينقلوا صورة مقلوبة عن موقف الدولة من الإخوان, غير أن أبا ماجد طمأن الأستاذ صلاح بأن الأردن ملكا وحكومة يحيطان الجماعة بالرعاية والحماية, حيث أكد المرحوم صلاح أن معلوماته تطابق ما قاله المراقب العام مستغربا مما قاله بعض الإخوان, الذين أثبتت الايام أنهم ناكرون للجميل, سعوا إلى توتير العلاقة بين الجماعة والدولة التي رعتها, وأن كل ما شهدناه بعد ذلك بسنوات ونشهده حتى الآن لم يكن محض صدفة, ولكنه دبر بليل, وكان حصاده «هشيم» خاصة عندما تصدع صف الجماعة على أساس جهوي مما يتناقض مع جوهر الإسلام.

لم تكن الصدمة الوحيدة التي تلقاها الضيف هو التناقض في المعلومات المقدمة له عن العلاقة مع الدولة , بين ما قاله المراقب العام للجماعة يومها, وبين ادعاءات بعض رموز ما صار يعرف بعد ذلك بمجموعة التنظيم السري, بل كانت صدمته من حجم الانغلاق والتعصب الذي يتصف به هؤلاء, من ذلك على سبيل المثال أن أحدهم سأل المرحوم صلاح شادي عن جواز قراءة مقالات الأستاذ فهمي هويدي, فصعق المرحوم من السؤال الذي أردفه السائل بسؤال آخر هو: هل فهمي هويدي من الإخوان المسلمين؟ فرد عليه شادي قائلاً من قال أن الإخوان المسلمين لا يقرأون إلا كتبا ألفها أعضاء الجماعة؟ فبهت السائل الذي يدل سؤاله على أية عقلية منغلقة تسود بعض المتصدرين لصفوف الجماعة, من الذين يهتمون كثيراً بتنوع غذاء بطونهم, ولا يولون نفس الاهتمام لغذاء عقولهم, وهؤلاء هم الذين أوصلوا الجماعة إلى هذه القطيعة مع معظم شرائح المجتمع الأردني, بعد أن مزقوها شذر مذر, بين أشلائها ما صنع الحداد, يقول بعضهم ببعضهم الاخر ما لم يقله مالك بالخمر, ذلك أن مجموعة التنظيم السري فرضت على مناهج التربية في الجماعة التفسيرات التي تتبني جاهلية المجتمع, وتربي أبناء الجماعة على الضدية للمجتمع, والاحساس بالفوقية على سائر مكوناته, مما شكل انقلابا جذريا على مفهوم الدعوة الذي تبناه الاباء الاوائل المؤسسون للجماعة في الاردن وعلى رأسهم الحاج عبد اللطيف أبو قوره, وهذا الانقلاب الجذري في مفهوم الدعوة وفي مسارها, هو الانقلاب الذي لخصه لي المرحوم صلاح شادي والذي سبق وأن نشرته في مقال سابق على صفحات الرأي قلت فية « في حوار دار بيني وبين الأستاذ صلاح شادي رحمه الله, عندما كان نائباً للمرشد العام, سألته: ما الفرق في عمل الدعوة بين أيام زمان والان؟ فقال رحمة الله عليه , عبارة موجزة لكنها تحمل الكثير من المعاني والدلالات فقد قال لي» لقد كنا نحمل الدعوة إلى الناس... اما الآن فقد صارت الدعوة تحملنا إلى الناس» وهذه العبارة تعني انقلاباً في المفاهيم, ترتب عليه انقلاباً في الأولويات, تلاه انقلاب في السلوك ذلك أن حمل الدعوة للناس كان يعني التضحية بالوقت, والمال, والراحة, وكان يعني ابتلاء السجن, وربما النفي والإعدام, وهذا كله يحتاج إلى تجرد وإخلاص, وإنكار للذات, وهو امتحان وبلاء قد يصمد أمامه كثيرون, أما عندما تصير الدعوة مطية يركبها البعض ليصبح نائباً, أو وزيراً, أو ذا جاه ومال, فان هذا يعني فتحاً لأبواب الجشع والطمع الذي صرنا نسمع معه عن مال سياسي ينفق أيام انتخابات هيئات الجماعة, وهو يعني أيضا فتح أبواب الصراع والخلاف الذي يفتحه ابتلاء النعمة, الذي لايصمد أمامه الكثيرون فالدنيا غرورة, ولمغرياتها مبررات كثيرة قد تصل أحياناً حد لوي عنق النصوص. فما بالك بتبادل الاتهامات والانقسامات؟» هذا ما قلته في مقال سابق عن دلالات عبارة الأستاذ صلاح شادي, وقد صرنا نعايشه واقعاً محزناً من انقسامات في الصف وتبادل الاتهامات جراء الصراع بين فرقاء الإخوان المسلمين أقل صورة بشاعة الاتهامات والصفات المقذعة فيما بينهم مما لا يتفق مع الأخلاق التي دعت إليها الأديان السماوية كما أن المعركة الانتخابية الجارية الآن في بلدنا أكدت دلالة جديدة من دلالات هذه العبارة, علها تكون محل مقال قادم.

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF