هذه الهجمة الجديدة على المسجد الاقصى التي تنفذها السلطات الاسرائيلية ليست مفاجئة، وليست مقطوعة عن جذورها فالمخططات والمؤامرات الصهيونية لتهويد القدس والاقصى بالذات مستمرة منذ ما يزيد على سبعين عاما، أي ما قبل قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين. اذا كان العرب - فرادى ومجتمعين ؟ يقومون بجزء من واجباتهم الكبيرة تجاه فلسطين وشعبها، فان حجم المؤامرة والمخططات الصهيونية لا يزال اضخم من هذا الدور الامر الذي يستدعي - دائما - الدعوة الى تحرك أقوى وأكثر فاعلية، دون أن نظل نمارس جلد الذات أو نتحدث عن التقصير الذي لا يستطيع أحد أن ينفيه. وليس في هذا الكلام محاولة لدفع التهمة عن النظام الرسمي العربي وتقصيره في تحمل مسؤولياته، ولكنه تحريض على زيادة فعالية الدور والنهوض بالواجب الذي لا تحمد الحكومات العربية عليه، وتظل مطالبة بادائه على أكمل وجه. ويأتي استدعاء القائم بالاعمال الاسرائيلي في عمان والتنديد الرسمي والادانة الشديدة للممارسات الاسرائيلية مثالا على مثل هذا الدور. وبالقدر الذي نتألم ونحن نشاهد بضعة مئات من الفلسطينيين وهم ينهضون - وحدهم - بواجبهم ويدافعون عن الاقصى المستهدف والاسير بالصدور العارية واللحم الحي، فاننا نتجه هنا الى دعوة الحكومات العربية (مجتمعة) الى تحرك اقليمي ودولي عاجل للضغط على اسرائيل ووقف أعمالها وممارساتها الاجرامية ضد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية على حد سواء. ونعود الى هذه الهجمة الاسرائيلية المنظمة ضد المسجد الاقصى، ونشير الى انها استمرار لمخططات قديمة متصلة، وليست طارئة، كما انها ليست من صنع مستوطنين يهود متطرفين فحسب، بل هي جزء من سياسة الدولة الاسرائيلية التي يجب ان يسألها المجتمع الدولي عنها، خاصة وانها حسب القانون الدولي ؟ سلطة محتلة ؟ وان الممارسات ضد الاماكن المقدسة جريمة شنعاء وفقا لهذا القانون نفسه. ويؤلم القلب ان يبقى الفلسطينيون وحدهم يواجهون هذا الخطر الداهم، وان يستمر العرب والمسلمون في تجاهل الوضع مكتفين بالتصريحات والكلام الذي لا يحقق شيئا عمليا على الارض!! وقد مل الناس لغة الاستصراخ والاستنجاد ومقالات الشجب والتنديد والادانة، في الوقت الذي لا يجد الكتاب مثلنا الا هذه الوسيلة للتعبير عن استيائهم لضعف المواقف العربية او غيابها، ولاستمرار الاسرائيليين في اعمالهم الاجرامية التي تتواكب مع القتل والتدمير وتتزامن مع التوسع في الاستيطان، على الرغم من تصريحات نتنياهو المتواصلة عن رغبة اسرائيلية في السلام ! والصمت الدولي ازاء هذه الجرائم. أما الفلسطينيون فليس امامهم الا ما يفعلونه كل يوم من التصدي الشجاع للمستوطنين ومنعهم من الوصول الى اهدافهم، وهم بذلك يقومون بواجب قصرت الامة في ادائه، ونكصت عن تمكينهم من القيام به. وعلى هذا يكون التلويح بانتفاضة فلسطينية جديدة، على غرار تلك الانتفاضة الشعبية الشجاعة التي اشتعلت اثر اقتحام ارئيل شارون عام 2000 (في 28 ايلول - سبتمبر) لحرم المسجد الاقصى وتدنيسه برفقة مئات المسلحين الاسرائيليين.
