عمان- بترا - عدنان السخن - عروض.. تخفيضات.. حرق للأسعار.. تنزيلات.. وغيرها الكثير من المفردات الاعلانية تشكل ظاهرة ازدادت وتيرتها مؤخرا في تسابق أو تنافس وجد له مكانا رئيسا في دخول المواطنين على مختلف فئاتهم عبر تسوق يمتد الى ما بعد منتصف الليل خاصة في شهر رمضان المبارك.
فبحجم استثمار بعشرات الملايين تتنافس 50 مولا أو يزيد، حصة عمان منها أكثر من 30 مولا، على اجتذاب أكبر عدد من الأردنيين لارتيادها.
ولا تنفك محفزات التسوق تحركها الإعلانات تقفز في وجه المواطن، سواء في الصحف أو وسائل الإعلام الاخرى كالإذاعات والمواقع الالكترونية و(بروشورات) تصل الى باب المنزل أو تجدها على زجاج السيارة او تسلم باليد لحظة الخروج من المسجد.
ويحرص المسوقون على ضمان وصول هدف الرسالة الإعلانية لكل مواطن بطريقة او بأخرى، لتضعه أمام حاجته ليتسوق ما يحتاجه واحيانا ما لا يحتاجه في ظل دخل محدود لمعظم الاردنيين.
وقد تكون ظاهرة التخفيضات على السلع الغذائية حديثة نسبيا قياسا بالملابس والاثاث، فقد اصبحت مع تزايد المولات في حركة ماراثونية/ تنافسية مستمرة تستهدف جذب الزبائن لهذا المول او ذاك، وبالطبع الوسيلة الأنجع لذلك هي العروض المستمرة والدائمة والتي تطال مختلف السلع.
وفي جولة لوكالة الانباء الاردنية (بترا) على عدد من المولات لاستقراء أمزجة المواطنين عن التخفيضات وهل تغريهم وتكون حافزا لتسوقهم من هذا المول أو ذاك قال المتسوق عمر كاشور إن التسوق يحتاج لذكاء وإلا انفق الموظف معظم راتبه على العروض الكبيرة في المولات.
وأضاف انه في بعض الاحيان تكون التخفيضات حقيقية وتصل الى بين 25 و 30 بالمئة لكنها لا تتجاوز في بعض الأحيان 5 و 10 بالمئة، قد تكون مشروطة بشراء كمية كبيرة، ما يجعل المنزل مخزنا للمواد الغذائية التي ستجد طريقها الى النفيات إن لم يتم استهلاكها خلال وقت قصير، ليصبح بالتالي ثمن القطعتين او الثلاث التي تم ابتياعها من العرض باهظا جدا.
محمود سراوي والذي امتلأت عربته بالمواد الغذائية وغير الغذائية التي طالتها العروض يقول انه كغيره من المواطنين تغريه العروض خاصة ونحن في شهر رمضان المبارك، مؤكدا انه لطالما يقبل على العروض بسبب الخصومات التي يجنيها، ولا يرى ضررا فيها اذا كان المتسوق متعقلا ولم يشتر ما يفيض عن حاجته.
لكن المتسوق غازي الذيبة يؤكد ان في العروض فرصة لبعض الأسر ذوات الدخل المحدود للحصول على سلع بأسعار معتدلة نسبيا، مؤكدا ان التسابق بين المولات يصب في مصلحة المواطنين وينعكس ايجابا على ما يبتاعونه من سلع بأسعار مناسبة.
وحول مدى جودة البضائع التي يطالها التخفيض اكد الذيبة أن نوعية السلع جيدة في معظم الاحيان وتخفيض السعر عليها ليس له علاقة بجودتها.
لكن لمؤسسة المواصفات والمقاييس رأيا في ذلك حيث يقول مديرها الدكتور حيدر الزبن «إن المؤسسة لا تتدخل فيما تعرضه المحلات التجارية والمولات سواء من المواد الغذائية أو حتى الملابس وغيرها من المنتجات»، الا انه يعتقد ان كثيرا من السلع التي تطالها عروض كبيرة إما ان مدتها شارفت على الانتهاء أو أن (موضتها) انتهت فيما يتعلق بالملابس أو أن مواصفاتها ليست بالجودة المطلوبة.
وأكد الزبن أن مهام مؤسسة المواصفات والمقاييس تتمثل في التأكد من ان ما تحمله بطاقة المنشأ (هوية السلعة) مطابقة لحالها، وان تكون السلعة متوافقة مع القواعد الفنية الاردنية والتي تفوق احيانا القواعد العالمية.
ومن مهام المؤسسة ايضا بحسب الزبن التأكد من صلاحية السلع عبر إرسال عينات الى المختبرات المختصة، مشيرا الى ان نحو 100 موظف يتوزعون في مختلف المراكز الحدودية والمطارات، اضافة الى الاسواق لمراقبة كل ما يباع خصوصا سلع العروض والتنزيلات.
وللناطق الاعلامي باسم وزارة الصناعة والتجارة ينال البرماوي رأيا في ذلك ايضا، ويقول «إن الوزارة تبذل جهودا كبيرة بالتعاون والتنسيق مع مختلف الاجهزة المعنية لضمان حصول المواطن على سلع غذائية جيدة، لا تسبب له ضررا صحيا، مؤكدا ان المحلات التجارية الكبيرة (المولات) حريصة على سمعتها ونادرا ما يتم ضبط مواد منتهية الصلاحية او تالفة الا ان ذلك يحصل عندما يشتري المواطن مواد زهيدة السعر من البسطات المنتشرة في مختلف مناطق المملكة.
واكد البرماوي ان إدخال مواد مشكوك في صحة استهلاكها يعتبر قانونا جريمة تستحق عقابا رادعا، مستدركا ان ما يحصل احيانا عندما يسمع المواطن ان كمية ما ضبطت تالفة وغير صالحة للاستهلاك فالسبب أنها إما تعرضت لسوء التخزين او لعدم وجود ثلاجات كافية لاستيعاب كل الكميات خاصة فيما يتعلق باللحوم، أو أن تكون تلك المواد دخلت الى البلاد بطريقة التهريب، مشيرا الى انه أيا كان السبب حتى عندما يبيع التاجر او القصاب (مثلا) لحوما بمختلف أنواعها على انها طازجة فيما هي مجمدة، فإن كل ذلك مخالف للقانون.
واكد ان الاجهزة المعنية تحرص على المراقبة المستمرة لمثل تلك التصرفات والتي لا هدف منها الا الجشع والربح السريع.
وقال ان المواد الغذائية تلقى عناية خاصة من قبل كافة الجهات المعنية من لحظة دخول السلعة وحتى استهلاكها من قبل المواطن.
وحول رأي القائمين على المحلات التجارية الكبرى (المولات) حيال العروض أكد مدير عام أحد المولات ارشيد ربابعة أهمية العروض في ضبط الاسعار وبما يصب في مصلحة المواطن، معتبرا ذلك منافسة شريفة ولا تخرج عن إطارها التجاري.
وأضاف ان بعض المولات تستورد بنفسها سلعا بكميات كبيرة ما يعطيها هامش عروض على الاسعار تصل احيانا الى حد 50 بالمئة، نافيا ان يكون أي مول يخسر من تلك العروض لأن القانون يمنعه من البيع بخسارة، وان كافة المولات تشهد مراقبة من هذه الناحية من قبل وزارة الصناعة والتجارة.
ونفى ربابعة ان تكون العروض على سلع ذات جودة متدنية فقط، مؤكدا ان عروض الاسعار تشمل المواد كافة وبشكل خاص الاساسية التي يحتاجها المواطن بشكل يومي مثل اللحوم بأنواعها، والسكر والأرز والخضار والفواكه وغيرها من المنتجات.
وحول فكرة ان المواطن يستدرج لشراء مواد أو كميات لا يحتاجها بصورة ما يجعله ينفق جل دخله على مواد قد تخزن في منزله لأشهر وقد يضطر للتخلص من بعضها في القمامة لانتهاء صلاحيتها قبل ان يستفيد منها، قال «ان اغلب المولات الآن تضع عروضا على كميات ولكن الحسبة السعرية للسلعة تتم بالمفرد فلو اشترى المواطن قطعة واحدة من عرض ما تباع له على اساس العرض».
واكد ان المنافسة بين المولات شريفة، ومن خلالها اصبح المواطن يحصل على سلع بأسعار معقولة جدا، مبينا ان الكثير من السلع انخفضت اسعارها بصورة ملحوظة عن السابق، معتبرا ان هذا التنافس كسر حلقات الاحتكار فلم تعد اي سلعة حكرا على احد ليتحكم بسعرها كما هو الحال في السابق.
وقال لم يسبق ان باعت فروع المول الذي يديره سلعا بأقل من تكلفتها، وان ما يحصل انه يكتفى بهامش ربحي قليل جدا لأن الكميات المتعاقد عليها او المستوردة كبيرة جدا ويجب تسويقها بزمن قياسي للحصول على مردود ربحي معقول.
واكد مدير مول آخر لم يرغب بالإفصاح عن اسمه «ان المنافسة الشريفة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن لا ضير منها»، الا انه استدرك ان الامر يفوق ذلك احيانا ليصبح كما وصفه «بكسر عظم بين المولات» تجاه بعض السلع والهدف منها الإضرار بالمول الآخر.
وبين ان العديد من الشكاوى وجهت الى وزارة الصناعة والتجارة عن سلع تباع بأقل من كلفتها، الا ان الوزارة لم تتخذ أي إجراء حيال هذا الامر.
ويبقى التسوق ضمن العروض والتنزيلات متنفسا ما بقي المتسوق في منأى عن الإضرار بدخله الشهري، الذي يحتاجه على مدار 30 يوما لاحتياجات اخرى غير الحصول على سلع استهلاكية حفزته العروض على شرائها، ولطالما نأى بمحدودي الدخل عن الكماليات التي من الممكن الاستغناء عنها امام ضغط متطلبات الاحتياجات الاساسية الضرورية، تطبيقا لمثل صيني يقول «اذا ما تعودت على شراء ما لا تحتاجه فستضطر لبيع ما تحتاجه».