في الاسبوع الماضي كنت أقلب الصحيفة الاسبوعية المصرية (( الكرامة )) الصادرة بتاريخ 29 حزيران 2009 ورئيس تحريرها حمدين صباحي الذي عرفناه مناضلاً طلابياً ثم صحفياً حراً ونائباً صلباً ورئيساً لحزب (( الكرامة )) ومؤخراً كاد أن يفوز في انتخابات الرئاسه ، وعلى صفحتها الأولى صورة تجمع جمال مبارك وصفوت الشريف واحمد عز وثلاثتهم الآن خلف القضبان ! وكانوا يومها – حسب الصحيفة – يدبرون مؤامرة التوريث وشرعنته في مجلس الشعب الذي كان قد ناقش في جلسته الأخيرة (( قوانين عدة معظمها لصالح حزب رجال الاعمال ابناء الزواج المشبوه بين السلطة ورأس المال )) ، وفي مكان آخر تساؤل عن الميزانية الضخمة التي يتصرف بها هذا المجلس مع صورة لرئيسه فتحي سرور صاحب مقولة البرلمان سيد نفسه (!) الذي يقبع الآن في السجن وكان يومها قد أجاب: الميزانية واضحة ! ثم لا يخجل من النفقات الباذخة على المكافآت والمطالبات والسيارات والاسفار والولائم والحفلات حتى كتب عنه د. جمال حشمت في ص4 : لو أن باحثا متخصصا يتابع أداء المجلس وكيف أثّر على مصر والمصريين بالسلب وضيّع حقوقاً وحمى لصوصا وأحبط شعباً لاستحق الدكتور سرور وسام افساد الحياة البرلمانية في مصر لصالح سلطة غاشمه تمتّع هو بنعيمها وانكوينا نحن الشعب بنارها.
وعلى صفحة أخرى تحقيق حول 130 مليار دولار أفاد الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل في احدى مقابلاته على قناة ((الجزيرة)) عام 2004 أنها مفقودة من أصل 150 مليار دولار تلقتها مصر على مدى 30 عاماً منذ 1974 على شكل منح وقروض وهبات صرف منها 8ر12 مليار على مشاريع البنية الاساسية و3ر6 مليار لمشروع مترو الأنفاق وبقي مصير 132 ملياراً غير معروف ويومها اضطر الرئيس مبارك في سبتمبر عام 2004 تكليف وزير الداخلية حبيب العادلي (وهو الآن ايضاً في السجن) بالتحقيق في مصير هذه الاموال الطائلة، لكن لماذا وزير الداخلية ؟ هل كان الرئيس يعتقد أن المبلغ كان في خزنة سرقتها عصابة وعلى رجال الشرطة البحث عنها للقبض على اللصوص واسترداد الخزنة !!؟ وبالفعل كلف الوزير بدوره فرق بحث مكونه من ضباط تابعين لادارة مباحث امن الدولة وموظفين بادارة الحسابات بالوزارة وباحثين وأساتذة بكليتي التجارة والسياسة والاقتصاد بجامعة القاهرة وصل عددهم الى 640 مقسّمين على 160 وحدة بحثية عملت على مدى ثلاثة أشهر وقامت باعداد المذكرة رقم 568 لسنة 2005 التي أُرفقت بها مستندات واوراق وكشوف فاق عددها 4800 وتم تقديمها للرئيس مبارك يوم 10 يناير 2005 وتقول خلاصتها بعدم إمكان ملاحقة الأمر لعدة اسباب اهمها مرور وقت طويل كافٍ لاخفاء معالم السرقات والاختلاسات بالاضافة الى احتراق (!) مكتب الارشيف بوزارة المالية الذي كان يحتوي على أغلب السجلات ! كما ان معظم الذين يمكن أن نسالهم عن الميزانيات قد انتقلوا الى رحمة الله، وبناء عليه أغلق الملف وقُيدِّت القضية ضد مجهول !!
وبعد .. ترى من الذي تفاجأ بثورة 25 يناير 2011 ؟
Email: [email protected]
Twitter: @drzaidhamzeh
