قضت محكمة الجنايات الكبرى قبل ايام باعدام السيدة التي اقدمت بدم بارد على قتل طفل واصابة اثنين بسيارتها على اثر شجار تشارك فيه الاولاد الثلاثة مع ابنها، وبصرف النظر عن نتائج الشجار, وما اذا كان الابن تعرض للاعتداء او للضرب فأن الدافع لارتكاب جريمة دهس متعمد ومتكرر حتى الموت يظل دافعا سخيفا ولذلك اثارت الجريمة الرأي العام الاردني عند وقوعها والى ساعة اصدار قرار الحكم.
والحقيقة ان حكم القضاء ليس موضوع مقال او تعليق، فالجريمة بشعة بكل المعايير والحكم جاء مرضيا لكل من تعرف على تفاصيل دقائق القتل التي عاشها الطفل المتوفى كما نشرت في محاضر التحقيق، وكذلك محاولات القتل المتكررة التي تعرض لها الطفلان اللذان نجيا من عجلات سيارة (السيدة الاميركية ) باعجوبة.
الجريمة وقعت في منطقة ابو نصير والمجرمة والضحايا اردنيون والمحكمة اردنية وقرار الحكم اردني وحبل المشنقة الذي سيلتف حول عنق المدانة - اذا صادقت محكمة التمييز على الحكم -اردني ولو صنعته الصين، اذن لماذا تعمدت بعض الصحافة تدويل الجريمة بوصف الجانية بأنها اميركية، حتى ان بعض العناوين والاخبار المثيرة الصقت الجريمة بسيدة أميركية غير معروفة وبرأت المدانة الحقيقية التي هي من ( عظام الرقبة) - كما يقال-وكثيرون لم يعرفوا حتى الآن ان من اقدم على قتل طفل واصابة اثنين بالدهس العمد هي سيدة اردنية ولكنها تحمل جنسية دولة أخرى هي الجنسية الاميركية, وهذه بالمفهوم المهني ليست اثارة صحفية الغاية منها الترويج ولفت الانظار، هي في الواقع (جنحة نشر ) واعتداء على الحقيقة، فالأصل ان لا نشير الى جنسية الجاني الا اذا اقتضى الامر ذلك كأن يكون وافدا او سائحا او دبلوماسيا او لا يحمل الجنسية الاردنية او انه غير اردني بالمولد والتجنس وكل هذا يؤدي الى نفس المعنى.
احد العناوين التي قرأتها في صحيفة ما قال ( الجنايات الكبرى تقرر الاعدام للمجرمة الاميركية ) والسؤال هو، هل نستغل الجريمة لغايات سياسية، فما هو الاميركي في دم وعقل وضمير هذه الجانية,اليست جيناتها عربية مثلها مثل مئات القتلة الذين اما اننا نسمع بفظاعة جرائمهم هنا في مجتمعاتنا الصغيرة الشرقية المحافظة، او انها تصلنا عبر الفضائيات من عالمنا العربي المشحون بالغضب لدرجة الانفجار، ما الذي تحمله هذه السيدة من أميركا غير جواز سفرها الذي لا يميزها عن غيرها لا قانونيا ولا انسانيا, اللهم الا اذا تأثرت الصحافة بالتعديلات الدستورية التي تمنع حملة الجنسيات الاجنبية من الوزارة والنيابة والعينية، فالحمد لله اذن ان هذه السيدة لن تصل الى هذه المناصب يوما..!
في الولايات المتحدة مجرمون اشد قساوة ووحشية، هذا صحيح تماما ولكن لا دخل لأي سفاح اميركي في هذه الجريمة بالذات، ثم ان السفارة الاميركية لم تتدخل لحماية الجانية من قبضة العدالة بل طلبت معرفة تفاصيل الجريمة لغايات التوثيق والارشفة الخاصة بالجهات الامنية والقضائية في الولايات المتحدة, فهذه السيدة ستضاف الى قائمة المجرمين، ولو خرجت من سجنها الاردني بطريقة او بأخرى فسوف تحاسب ولو اجتماعيا في بلدها الجديد الذي يشهر به اليوم بلا داع على انه المسؤول عن جريمة قتل طفل اردني لمجرد ان القاتل يحمل جنسيته...!