بكل الحفاوة والتكريم التي تليق بضيف للهاشميين، كانت المحادثات التي جرت مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين في عمان الاسبوع الماضي.
وقد غادر عمان، يحمل ملفاته معه، ومن أهمها ملف جورجيا حيث وعدت اسرائيل بالتوقف عن تزويد جورجيا بالاسلحة في مواجهاتها مع موسكو، وبعض تلك الاسلحة مما تنفرد به اسرائيل في تقدمها الالكتروني ووسائل الاتصالات الحديثة.
كما وافقت اسرائيل على تزويد موسكو ب 12 طائرة اخرى بدون طيار ليكون المجموع 24 طائرة وقد سبق ان رفضت اسرائيل تلبية تلك المطالب.
فلم يكن الهدف ان يرعى احتفالا لاقامة النصب التذكاري للجيش السوفييتى الذى انتصر في الحرب العالمية الثانية مما مكن الجنود من اكتشاف معسكرات الاعتقالات لليهود الاوروبيين في منطقة «أوش-ويتز»، والتي ضمن أسوارها جرت الابادة الجماعية في افران الغاز للملايين من اليهود والمعارضين السياسيين والغجر والمصابين بامراض جنسية معدية وبعض اسرى الحرب، فيما عرفه الناس باسم «الهولوكوست» او عملية الشواء.
ولم يكن السبب الحقيقى انه رغب الالتقاء مع مليون اسرائيلي من اصول روسية وشرق اوروبية ممن غادروا بلادهم عبر موجات الهجرة المتتابعة وبعضها سري وبعضها علني.. وهؤلاء يكرهون وطنهم الام بسبب ما عانوه هناك من تمييز. فلا يحبون الرئيس بوتين ولا ما يذكرهم وجوده من تاريخ مرير خاصة عندما يكون احدهم وزير الخارجية الحالي افيغدور ليبرمان ومدير الوكالة اليهودية في اسرائيل ناتان شارانسكي الذي كان من اوائل من وضع مسمارا في نعش الاتحاد السوفييتي عام 1986 ، ونظم حملات اعلامية ضد أمجاد روسيا..
وليس صحيحا انه اراد الوصول الى اتفاق مع نتنياهو حول ترتيبات تصدير الغازالاسرائيلي المكتشف حديثا في المياه الاقليمية ما بين لبنان ويافا باعتبار ان موسكو اكبر مصدر عالمي الى اوروبا للغاز الطبيعي، ولا يقلقها أبدا الحقول البحرية الجديدة التي ما زالت في اطوارها التجريبية.
فلزيارة بوتين دلالات سياسية كبيرة اذ انها تاتي بعد ان فرض حمايته العسكرية على سوريا، حيث اسقط الضباط الروس العاملين في الكتيبة 73 من فرقة الدفاع الجوي 26 وباستخدام صواريخ «بان-تسير 1» احدث قاذقة قنابل سوبر فانتوم ف 4 التي كانت تحلق على علو 12 كيلومترا حيث اعتاد ملاحوها الاتراك على التقاط الصور يوميا لما يجرى هناك منذ خمسة عشر شهرا.
ويضاف الى ذلك أهمية أكبر مناورات عسكرية تشهدها المنطقة يشارك بها تسعون الفا من الجنود الروس و الصينيين والايرانيين والسوريين مع 900 دبابة و400 طائرة مقاتلة قاذفة.
وجميع المؤشرات تدل على ان هناك «سايكس - بيكو» جديدة تشارك بها ايران المتطلعة الى استعادة الهيمنة على العرب.
وقد طمأن بوتين نتنياهو في موضوع الملف النووي وطيه نهائياً، مقابل التعاون في الملف السوري.
ولا شك أن عين النسر الامريكي في البيت الابيض تراقب وتعرف وتخطط وتنصح.
وهنا نتذكر الحديث النبوي الشريف «انتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل».