كالعادة سيسرع بعض المحللين الى تسويق النصف الفارغ من الكأس في معرض تفسير حديث الملك للتلفزيون الأردني , فالمراجعة التي أشار اليها الملك لبرنامج الخصخصة , ستكون من وجهة نظر هذا التيار دليلا قاطعا على تخطئة البرنامج ومنه النهج الإقتصادي وهو ما سعوا لإثباته على مدى عام كامل .
المراجعة اتجاه صائب إن كان يهدف إلى تصحيح الأخطاء إن وقعت لفائدة المستقبل وبالتالي تراكم الإنجاز وإنضاج التجربة وتنظيفها من الشوائب , والفرق شاسع بين النهج والتطبيق الذي قد يعتريه بعض الثغرات وهو ما حصل .
لقد نجح هذا التيار في تقديم السياسات الإقتصادية التي طبقت على مدى عقد مضى بإعتبارها خطأ يستحق الإعتذار عنه وبإعتبارها جرائم تستحق المحاسبة , كما نجح هذا التيار في رفع سقف التوقعات في عدد من قضايا الفساد المزعومة وأدخلها في لعبة الإعلام وكأن الغاية هي تحقيق أهداف سياسية من قضايا سوقت بإعتبارها جوهرية لكن ما حدث هو نقل الشائعات من الشارع الى أروقة المحاكم , والثمن تقديم رموز مرحلة , تسعى بعض الأصوات لتجييرها لمحاكمة نهج أو فترة زمنية حددت بعشر سنوات !!.
لقد أصبح الإتهام بالفساد سهلا ما قطع معه خطوات هائلة أصبح , الرجوع عنها ولو خطوة عملية صعبة , فإغتيال سمعة شخص ما أو مؤسسة عملية متاحة لكن أحدا لم يتوقف عند آليات تبييض صفحة البريء.
وفي النهج الذي يراد إثبات وباله على الأردن , لا يمكن إنكار أن إنجازات كثيرة ومهمة تحققت أبرزها معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي 6% خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2010، وتضاعف الناتج المحلي الإسمي بأكثر من ثلاثة أضعاف، حيث بلغ في العام 2000، 6 مليارات دينار، في حين ناهز 19 مليار دينار في العام 2010 (أي أن الاقتصاد الأردني نما حجمه بأكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الماضي و نمو نصيب الفرد من الدخل القومي من 1235 ديناراً في عام 2000 إلى 3154 دينارا في عام 2010 (وهي زيادة بواقع 155.4% خلال فترة العقد الماضي).
و النمو الكبير في احتياطي العملات الأجنبية، والذي بلغ معدله 19% (حيث نما من 2.7 مليار دولار أميركي في العام 2000 إلى 12.24 مليار دولار أميركي في العام 2010).
وزيادة عوائد القطاع السياحي الى 2.65 مليار دولار في العام 2010 من 0.72 مليار دولار في العام 2000. كما أن عدد الوظائف المباشرة بلغ 40000 وظيفة في العام 2010 بالمقارنة مع 21500 وظيفة في العام 2000، أي بزيادة نسبتها 100%. كما بلغ عدد الوظائف غير المباشرة 132600 وظيفة بزيادة نسبتها 26.4% بالمقارنة مع العام 2000.
وزيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي قفزت من 97 مليون دينار في العام 2000 إلى 1.76 مليار دينار في العام 2009.
و استقطاب القطاعات التي تمت خصخصتها ما قيمته 1.6 مليار دينار من الاستثمارات في الفترة بين العام 2000 و 2007.
جدلية النمو وتوزيع مكاسبه , جدلية عالمية , وفك سرها لا يزال عصيا حتى في أكثر الدول تقدما , لكن الدولة التي أنفقت على البنية التحتية والخدمات والرعاية أضعاف مضاعفة لمواردها الحقيقية كما في حالة الأردن , من الطبيعي أن تكابد ديونا وعجوزات مضاعفة , فبالرغم من كل شيء , الإقتصاد الأردني لا يزال إقتصاد وفادة ورفادة .
[email protected]
