عمان - سهير بشناق - لانهم الفئة التي تستحق الرعاية والحنان والتقدير .. ولان كل فرد منهم لا بد ان يكون قد قدم الكثير الكثير سواء لاسرته او لمجتمعه فان يوم المسنين العالمي الذي يصادف اليوم قد يكون مناسبة سعيدة للبعض منهم ومناسبة تحمل الالم للبعض الاخر بسبب العيش في المراكز الايوائية وشعورهم بالوحدة والحزن لابتعادهم عن اسرهم وابنائهم الذين اختاروا وضعهم بهذه الدور بدلا من التكفل برعايتهم وابقائهم بينهم .
المسن كبير بالعمر لكنه يجب ان يكون كبيرا بالقيمة الاجتماعية فلا يوجد هناك ام او اب يستحقان ان يوضعا في أي مؤسسة ترعاهم بعد ان عملا على تربية ابنائهم وافنيا حياتهما ليريا ابناءهم شبابا يضعونهم في دور الرعاية .
وبالرغم من المسببات الاقتصادية او الاجتماعية وصعوبات الحياة التي قد تدفع بالابناء لوضع ابائهم وامهاتهم بهذه الدور الا ان كبير السن يبقى بحاجة للأجواء الاسرية وان يشعر بانه لم يفقد قيمته مع تقدم عمره وانه لا يزال مرغوبا من قبل ابنائه وبناته .
فان يعيش ما تبقى من عمره وحيدا وان يموت وحيدا يشكل حزنا كبيرا له يذكره به يوم المسنين العالمي الذي عادة ما تقدم هذه الدور على تنظيم احتفالات للمسنين تذكرهم بانهم بلا اسر وبلا ابناء وبلا حياة حقيقية تسعى العديد من الجهات الحكومية والتطوعية على توفيرها لهم لكن الشعور بالوحدة وعدم رؤية وجوه الابناء حزن كبير في قلوبهم العظيمة التي لا تستحق سوى التقدير والانحناء لهم على ما قدموه .
فاليوم الاول من تشرين ثاني اليوم العالمي للمسنين الذي يعتبر مناسبة عالمية يتم من خلالها القاء الضوء على هذه الفئة بالمجتمع ومشاكلهم والاستراتيجيات التي تم تنفيذها بحقهم و لخدمتهم والمحافظة على مكانتهم بالاسرة و بالمجتمع .
وتتولى عدد من الجهات الحكومية و التطوعية الاعتناء بالمسنين من خلال المراكز الايوائية و المراكز النهارية التي تقدم خدماتها للمسنيين وتسعى لتبديد ما يشعرون به من حزن لابتعادهم عن اسرهم .
وزيرة التنمية الاجتماعية هالة لطوف بسيسو اكدت اهمية هذه الفئة وضرورة توفير وتلبية ما تحتاجه خاصة وان هناك العديد من الانجازات التي تحققت على ايدي كبار السن في فترات شبابهم وخدمتهم لمجتمعهم .
وبينت لطوف في رسالة وجهتها للمسنين في يومهم انه بالرغم من قلة نسبة المسنين الى عدد السكان حيث يعتبر الاردن من الدول التي يشكل فيها الشباب حوالي الثلثين من اجمالي عدد السكان بينما يشكل المسنون نسبة 2ر4% من عدد السكان ، ان ذلك لا يقلل من الاهتمام الرسمي والشعبي بالمسنين ومكانتهم الرفيعة المحترمة وكرامتهم الانسانية ويعود هذا الاهتمام الى الموروث الديني والثقافي والحضاري للاردن الذي كان و لا يزال يؤكد اهمية كبار السن ومكانتهم في المجتمع .
واضافت ان الكبار في الاردن لهم تاثير في الحياة العامة بسبب النمط البنائي العائلي للاسرة الاردنية الذي يرفع من شأن العلاقات القرابية والاعراف السائدة التي تمنح المسنين سلطة اجتماعية مهمة ويتجلى ذلك في تدخلهم الايجابي في اصلاح ذات البين بين الناس والسير في مصالح وخدمة المواطنين ويعتبرهم علماء الاجتماع انهم ما زالوا وسيبقون احدى الوسائل الهامة للضبط الاجتماعي وعاملا مهما من عوامل الامن والسلم الاجتماعيين .
واشارت الى أنه لا يخفى على احد دعم جلالة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبدالله للمسنين فقد شملت المكرمات الملكية المسنين بتامينهم صحيا بحيث اصبحوا يتلقون العلاج المجاني في الوحدات الصحية المختصة في وزارة الصحة او غيرها من المؤسسات مقدمة الخدمات الصحية وزيارات جلالتيهما المستمرة لدور رعاية المسنين والاطمئنان على اوضاعهما بشكل مستمر ودعم مؤسسات الرعاية الخاصة بهم .
واعتبرت لطوف ان من سمات الاردن الايجابية انه يعتبر من الدول المصنفة ضمن دول الهبة الديموغرافية البسيطة والتي يزيد فيها نسبة السكان القادرين على العمل بين عامي 2010 و2015 الى ما نسبته 67% من عدد السكان وتستمر هذه الهبة لحوالي خمسة وثلاثين عاما، وهذه الهبة تمنح الاردن فرصة تاريخية لإحداث النهضة التنموية على جميع المستويات وتزيد من مخصصات الاستثمار في رعاية المسنين وتمكينهم اقتصاديا بسبب الوفر في العوائد التي توجه الى مزيد من التحسين في الخدمات الخاصة بكبار السن ، ويساند هذا الوضع من قدرات الاسرة في الاردن على الاحتفاظ بتماسكها الذي تمثل احدى صوره المكانه المميزة لكبير السن في العائلة.
وبينت لطوف ان المجتمع الأردني ، شأنه شأن المجتمعات الأخرى ،يوثر ويتاثر بالتعقيدات والتغيرات العالمية التي اصبح فيها بعض المسنين احيانا لا يجدون من يتفرغ لخدمتهم أو او العناية بهم من أفراد أسرتهم ، وبخاصة بعد تحول نمط الأسرة من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النواة وخروج كل افراد الاسرة للعمل والانتقال الكبير من النمط الريفي الى النمط الحضري في الحياة مع ما صاحب ذلك من هجرات من الريف والبادية الى المدينه والتغيرات الثقافية والاجتماعية التي تصاحب هذا الانتقال الثقافي والحضاري .
واشارت الى انه تكونت لدى بعض فئات المجتمع اتجاهات سلبية تميزت بقدر واضح من عدم الاهتمام ، وتراجع دور الأب والأم لاسباب متعددة وبات بعض كبار السن في ظل هذه الظروف في حاجة ماسة إلى من يقدم لهم الرعاية والاهتمام ، ويعمل على معالجة مشكلاتهم الصحية ، والنفسية ، والمعيشية .
وتطرقت لطوف الى المشاكل التي تواجه المسنين والمتمثلة في المشكلات الصحية مثل إهمال المسنين أنفسهم ، ويظهر ذلك في عدم مراجعتهم للأطباء أو تقدمهم بطلبات المساعدة حتى تسوء حالتهم رغم وجود الكشف الطبي الدوري ومحاولة بعض المسنين علاج انفسهم بعيدا عن الإشراف الطبي رغم خطورة ذلك وغياب الوعي لدى اسر المسنين حول أمراض الشيخوخة اضافة الى المشكلات الاقتصادية بسبب ضعف القدرة على العمل وبالتالي غياب مصادر الدخل أو قلته وبخاصة أنهم ينفقون الجزء الأكبر من دخلهم على الغذاء ، والمأوى و يؤثر في الجوانب الأخرى من حياتهم كالاهتمام بالذات والترفيه والزيارات والسفر .
وبينت ان هناك مشاكل في العلاقات الاجتماعية لديهم حيث يشعرون بالوحدة والعزلة وبخاصة عند فقد شريك الحياة ، وابتعاد الأصدقاء أو وفاتهم وعقوق الابناء او غيابهم او المشكلات مع الأهل والأقارب واقصائهم عن المشاركة في النشاطات الاجتماعية والمناسبات والحد من قوتهم كاداة ضبط اجتماعي .
وقد عملت وزارة التنمية الاجتماعية على رعاية هذه الفئة وتوفير سبل الاعتناء بهم من خلال العمل المباشر على برامج رعاية المسنين.والعمل على استمرارية دمج كبار السن في محيطهم الاجتماعي عن طريق توفير اماكن خاصة بالنشاطات الترفيهية النهارية لهم من خلال التحاقهم بالنوادي التي تقدم خدمات نهارية للمسنين تساعدهم على قضاء اوقات فراغهم بشكل مفيد يعزز من اتجاهات الحياة لديهم.
كما تعمل الوزارة على توفير الرعاية الايوائية لمن يحتاجها منهم بسبب الظروف الاجتماعية او الصحية او الاقتصادية في مؤسسات رعاية المسنيين البالغ عددها عشر مؤسسات.
وبينت الخطط والاستراتيجيات المعدة لرعاية كبار السن في ضوء التوقعات الاحصائية الى ان نسبة المسنين في المجتمع الاردني ستبلغ 2ر7% من اجمالي عدد السكان عام 2020 ، وبينت وزيرة التنمية الاجتماعية في هذا المجال ان هناك مجموعه من الخطط الوطنية التي تتميز بتعدد نشاطاتها وفعالياتها في مجال خدمة المسنين اهمهما الاستراتيجية الوطنية لكبار السن للاعوام 2008/ 2012 التي تؤكد على حماية المسنين من العنف ووضع التشريعات الداعمة لحقوقهم وتوفير البيئة الامنه لرعايتهم وتركز ايضا على التمكين الاقتصادي والنفشسي والاجتماعي لهم اضافة الى ايجاد قاعدة بيانات وطنية خاصة بالمسنين وتعزيز ذلك كله بالدراسات العلمية حول المسنين واوضاعهم لزياد فاعلية التخطيط المستقبلي لاحتياجاتهم، اضافة الى تشجيع الرعاية المنزلية للمسنين حيث يعمل المجلس التمريضي الاردني على وضع تعليمات وشروط الرعاية المنزلية للمسنين لجعل الخدمات وفق معايير مقننه ومقبولة انسانيا واجتماعيا ومستجيبة لحاجات المسنين.
الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة الدكتورة هيفاء ابو غزالة قالت ان فئة كبار السن في الاردن حظيت بإهتمام من جلالة الملك عبد الله وجلالة الملكة رانيا العبد الله وخاصة فيما يتعلق في الارتقاء بمستوى معيشتهم وتمكينهم من العيش بحياة كريمة في المجتمع .
واضافت ابو غزالة ان المجلس الوطني لشؤون الاسرة بالتعاون مع وزارتي الصحة والتنمية الاجتماعية والمجلس التمريضي الاردني وامانة عمان ومنظمة الصحة العالمية طور استراتيجية وطنية شاملة لكبار السن تهتم برسم السياسات والبرامج الهادفة الى معرفة الخلل والقصور في البرامج المقدمة لهذه الفئة .
ينت ان الاستراتيجية تهدف الى اعطاء قضايا كبار السن الاهمية التي تستحقها ضمن سياسات وخطط الدولة الاردنية لادراجها على سلم الاولويات الوطنية وتحسين نوعية الحياة لكبار السن وتمكينهم من حياة كريمة في المجتمع وتعزيز ثقة كبار السن بأنفسهم وبقدراتهم على مواصلة العطاء والعمل على توعية المجتمع بقضايا كبار السن وتكريس النظرة الايجابية نحوهم ودعم الروابط وتمتين اواصر التواصل والحوار بين الاجيال .
واكدت ابو غزالة ان صياغة التشريعات المتعلقة بكبار السن وتطبيقها حق مطلق ومسؤولية كل دولة شريطة ان تنفذ على اساس احتياجاتها واهدافها الوطنية الخاصة بها غير ان تعزيز انشطة كبار السن وسلامتهم ورفاههم ينبغي ان يشكل جزءا اساسيا من جهد انمائي متكامل ومنسق في اطار الانظمة في المناطق كافة على حد سواء .
واشارت الى ان تقارير الاحصاءات العامة تدل على ان هناك انخفاضا في معدل الوفيات وارتفاع العمر المتوقع الذي وصل الى 5ر71 (6ر70 رجال و4ر72 نساء ) والذي يعد مؤشرا على زيادة اعداد كبار السن في الاردن من 2ر5 % عام 2004 الى ما نسبته 6ر7 % في عام 2020 .
ويذكر ان الاحتفال بكبار السن ياتي بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تم تعيين اليوم الاول من تشرين اول - اكتوبر ليكون اليوم الدولي لكبار السن وذلك كمتابعة لمبادرات الامم المتحدة مثل خطة عمل فينا فيما يتعلق بالشيخوخة والتي صادقت عليها الجمعية العامة .
والجدير ذكره انه يوجد في المملكة سبعة نواد نهارية للمسنين تقدم خدمات نهارية مختلفة لمرتاديها، وعشر مؤسسات للرعاية تقدم خدماتها ل328 مسنا ومسنه، وهي كافية لنسب الالتحاق الحالية وتغطي المتوقع في الزيادة لسنوات عدة قادمة تبعا لاخصائيين اجتماعيين في وزارة التنمية الاجتماعية .