تعقيبا على مقال الزميل العزيز هشام فايز جابر بعنوان «انقشاع الضباب في لندن» المنشور في صحيفتكم بتاريخ 11/2/2006 في صفحة آراء وتعليقات اقول: يعبر الزميل الاديب عن اعجابه وامتنانه من انجلترا والانجليز لانهم واثناء اقامته وعائلته هناك للدراسة قد ارسلوا باحثة اجتماعية للوقوف على ظروف اقامتهم وانهم درسوه وحرصوا على ان لا يطعموا ابنه لحم الخنزير وانهم عالجوا ابنه وزوجته من تسوس الاسنان بالمجان. لا شك بان هذه المفردات من السلوك الرسمي لها وقع ايجابي على اي انسان وانها لافتة لاهتمام اي شخص قادم من بلدان فقيره ومتخلفه تفتقر لقوانين وتقاليد ادارية حضارية وذلك بسبب عدم توفر الميزانيات القادرة على تأمين مثل هذه الخدمات التي تلقاها اخونا هشام وبسبب حالة الفوضى او شبه الفوضى الادارية الناجمة عن ضعف الخبرة في الادارة في البلدان التي ترعاها وتحميها انجلترا والانجليز الذين ما ان اسدوا للدكتور هشام الخدمات الانفه الذكر حتى انقشع عنهم ضباب لندن وباتوا على حقيقتهم الخيرة فانقلب هشام على كتبنا المدرسية التي «علمتنا الحقد والكراهية والنقمة ولم تذكر شيئا جيدا قدمه الانجليز لنا». انا اعرف الدكتور هشام من خلال زمالتي له في المدينة الطبية فهو انسان على درجة عالية من الدماثة والطيبة والهدوء وذو شخصية يثمر فيها المعروف. ومن هناك استغرب ان ما قدمه الانجليز لشخصه ولعائلته قد انساه ما اقترفته الحكومات البريطانية بحق معظم شعوب الارض وبخاصة بحق شعبنا الفلسطيني. هل يعلم الاخ العزيز هشام بان فكرة اقامة دولة ووطن قومي لليهود في وطنه فلسطين لم تبدأ بهيرتسل او بمؤتمره عام 1897 وانما بدعوة من ايرل شافتز برى الذي كان يمثل الطبقة الحاكمة البريطانية لاقامة دولة اليهود في فلسطين وذلك في مقال افتتاحي نشر في جريدة التايمز اللندنية في 18 آب 1840 اي قبل حوالي ستين عاما من انعقاد المؤتمر الصهيوني في بازل؟ ولكنه لا بد انه يعلم بالجهود الحثيثة والمستمرة من قبل الحكومات البريطانية المتعاقبة للضغط على السلاطين العثمانيين واغرائهم بالمال لتسهيل الاستيطان اليهودي في وطن الشعب الفلسطيني البريء والمغلوب على امره. ولا بد انه يعلم بوعد بلفور وملاحقة المسلمين الفلسطينيين والتسهيل على المسلحين اليهود اثناء فترة الانتداب، وقرارهم الجلاء عن فلسطين عام 1948 بعد ان يتقنوا من قدرة اليهود على اقامة دولتهم والدفاع عن هذه الدولة ضد اي محاولة عربية لتقويضها. ولا اريد ان اطيل في سرد الجرائم التي اقترفها الانجليز وشركاؤهم الاميركان في حق الشعب الفلسطيني فالقائمة طويلة ولا مجال لذكرها في هذا المقال ولكن اكتفي باحدث اساءة وهي سعيهم بالاشتراك مع شركائهم في واشنطن لتمريغ انف حماس في مستنقع الاستسلام واجبارها على الاعتراف بالكيان الصهيوني وهو مطلب باطل كشرط مسبق لتعاملهم معها وكف شرهم عنها ولم يكلفوا انفسهم بالطلب من الصهاينة انهاء احتلالهم من 22% من فلسطين ناهيك عن ال78% منها الذي ابتلعوه منذ عام 1948 . فهل تهون كل هذه الاساءات والجرائم. انني على يقين بأن الاجابة ستكون لا كبيرة. الاميركان والانجليز يا اخي هشام حرمونا من الخليل بلدك وحرمونا من زيارة القدس والاستمتاع بشاطئ عسقلان القريب من الخليل ونزعوا من معظم الشعب الفلسطيني حق المواطنة وجعلوه في احسن الاحوال ضيفا عند الاشقاء او الغرباء يعيش على الهامش ولا يتمتع مثل باقي شعوب الارض بحق تقرير المصير. انك تعلم ذلك وتشعر به بالتأكيد، فلا يمكن ان تنسى من اساء لك ولي ولكل فرد من ابناء شعبنا الفلسطيني المنكوب وخصوصا ان هذه الاساءات لا تزال مستمرة وتزداد ضراوة في كل عام. لواء طبيب متقاعد