زارني التلفزيوني الكويتي في مكتبي ليسأل عن انعكاس التغييرات التي جرت في الكويت بعد رحيل الأمير الشيخ جابر الاحمد الصباح - رحمه الله - في الصحافة الاردنية. وهو سؤال يحتاج الى دراسة لتكون الاجابة وافية، اما الانطباع المتكون لدي فان الصحافة الاردنية اهتمت بالحدث وتابعته وتناولته بالأخبار والتحليل والرصد وربطت بين ما يجري في الكويت والاقليم والتطورات السياسية القائمة.. ولا يملك المراقب المنصف الا ان يسجل للكويتيين في مواقعهم المختلفة ان في العائلة المالكة او الحكومة او البرلمان وحتى التعبيرات الشعبية المختلفة وما عكسته الديوانيات الا التقدير العالي لتضافر جهودهم وحرصهم على بلدهم واحساسهم بالمسؤولية وتسيير أمور خطرة بشكل سلس حين جاءت نتائج مداولاتهم الصعبة لتؤكد على سلامة الرؤية وعلى تداول سلمي وهادىء للسلطة.. الكويتيون أعادوا الآن وبعد تشكيل الحكومة ترتيب بيتهم الداخلي بشكل متوازن، فالتصعيد الذي حدث في المواقع يحمل بصمات واضحة على سلامة التقدير وصواب الاختيار. فرئيس الوزراء الجديد الشيخ ناصر محمد الاحمد عرف عنه ايمانه بحرية التعبير ورغبته المستمرة في بناء صحافة ووسائل اعلام مؤسسة بالحرية والمسؤولية وله خبرات معروفة في هذا المجال وقد ظل حريصا على توازنات تلعب فيها الصحافة دورها وتأخذ وسائل الاعلام بالشفافية وقد استطاع ان يدير ازمات عديدة بروح المسؤولية والانحياز الى بقاء صورة الكويت في اطار ايجابي في تعاملها مع وسائل الاعلام. كما يسجل لوزير الداخلية القوي الشيخ نواف الاحمد ايمانه بالاصلاح السياسي وحرصه عليه وقد ظل دائما مع ازدياد وتائر الاصلاح ومع تنظيم الحياة السياسية بشكل فاعل يضمن نموها وتفتحها وجعلها في خدمة ثوابت النظام الحكم لمزيد من الحوار وتجديد العقد السياسي والاجتماعي ما بين الامارة وشعبها.. اما الأمير الشيخ صباح الاحمد الصباح فان سيرته الطويلة في خدمة الدبلوماسية الكويتية والعربية لأكثر من اربعين عاما تشير الى صواب رؤيته والى حرصه على تأكيد البعد العروبي والقومي للكويت التي تعرضت لأبشع عدوان استهدف امنها واستقرارها ومسؤولياتها ومستقبل اجيالها حين وقع الغزو من نظام صدام عليها وقد كان لدور الشيخ صباح الاحمد آنذاك أهمية كبيرة فقد حرص على اعادة رسم صورة الكويت المتطلعة للحرية والاستقلال والتحرير وبنى علاقات عميقة وممتازة مع قادة المجتمع الدولي والفاعلين الأساسيين فيه.. ومع مرارة الغزو الا انه ظل حريصا على تأكيد البعد العربي والاسلامي للكويت وان تظل تلعب دورها في أمتها بريادة ومبادرة وهو ما أهله من خلال هذه السيرة الوطنية المخلصة ان يكون خيار العائلة وخيار الكويتيين الذين التفوا حوله بوعي وأمل للخروج بالكويت من حزنها واستمرار نهجها بعد رحيل قائدها المغفور له الشيخ جابر.. وعن العلاقة الكويتية الاردنية التي جاء سؤال حولها فان هذه العلاقة تبلغ الآن ذروتها وهي في أحسن احوالها وندعو للمزيد من توطيدها واستثمارها لصالح القيادتين والشعبين الشقيقين، وأعتقد ان الاستثمارات الكويتية في الاردن وهي ثمرة لهذه العلاقة ومحطة واضحة فيها قد تجاوزت (5) مليارات دولار تمثلت في سلسلة مشاريع في الصناعة والسياحة والاتصالات والتطوير العقاري والخدمات، فمن مجموعة المشاريع (كيبكو) ومجموعة الخرافي) الى مجموعة (MTC) للاتصالات المتنقلة مرورا بالوطنية العقارية والمخازن العمومية والمجموعة الدولية للاستثمار وشركة بيان للاستثمار والبنك الوطني.. وفي اصعب الظروف وقف المستثمرون الكويتيون بشجاعة الى جانبنا هنا حين وقعت الاعمال الارهابية في عمان في 9/11/2005 وكان لهذا الموقف الذي صاحبه موقف رسمي كويتي ابلغ الأثر في نفوس الاردنيين.. وتأخذ العلاقات الكويتية الاردنية الآن ابعادا أفقية وعمودية يؤكدها ويكرسها ويعلي من مداميكها القادة في البلدين وخلفهم جيش من المستثمرين والبناة الحقيقيين في الاقتصادين الاردني والكويتي وهناك شخصيات عديدة لعبت دورا ملموسا في تأكيد هذه العلاقات وانتشالها واعادتها الى العافية وقد ظلت هذه الشخصيات من القطاع الخاص والمدني والأهلي وحتى من البرلمانات مثل عبدالكريم الكباريتي من الاردن ورئيس مجلس النواب الكويتي الخرافي.. ومحمد جاسم الصقر من مجلس النواب.. والعديد من الشخصيات الاخرى هنا وهناك تلعب الدور الذي يبنى من خلال هذه العلاقة ويحافظ عليها.. لقد كان لزيارات جلالة الملك عبدالله الى الكويت ابلغ الأثر في تعزيز هذه العلاقات وتوطيدها وخاصة زيارته منتصف عام 2004 والتي انجزت الكثير وما تبعها بعد ذلك، وما مشاركة الملك عبدالله الثاني في تشييع جثمان الراحل الكبير الشيخ جابر الا تعبير مباشر عن تقدير الاردن البالغ ملكا وحكومة وشعبا لدولة الكويت وقيادتها وشعبها.. ان القدرة الكويتية التي بدت واضحة وملموسة ومؤسسية في اعادة ترتيب البيت الكويتي الآن من أعلى الهرم حيث الامارة وولاية العهد مرورا بتشكيل الحكومة واختيار الوزراء هي مثال وقدوة يعتز بها كل عربي لما صاحب التجربة من وعي ومؤسسية وهدوء وحفاظ على مكاسب الكويتيين وهو الأمر الذي يدعونا لتقدير ذلك والثناء عليه متطلعين لمزيد من العلاقات الأخوية على المستويات كافة والى وقفة كويتية شقيقة الى جانب بلدنا وقيادتنا في ظروف تكيفنا الجديدة أمام ارتفاع اسعار الطاقة وأمام بناء الموازنة الاردنية الجديدة لهذا العام..
