اين وصل قانون اشهار الذمة المالية او قاعدة من اين لك هذا؟ او بالتعبير القانوني الكسب غير المشروع والاثراء بلا سبب كلها مصطلحات واحدة لحقيقة واقعية عندما نرغب ان نكون دولة مؤسسات وقانون تؤسس لشفافية احوج ما يكون اليها هذا الوطن في هذا الوقت بالذات اذا كنا فعلا ننشد الاصلاح والعمل والبناء الحقيقي. ان من اهم مقتضيات وأسس العدالة ان من يتلقى او يحوز مالا بدون وجه حق او مملوكا للغير ان يلتزم باعادة هذا المال لصاحبه. فكيف إذا كان هذا المال ملكا للوطن وللشعب!؟. في اول بديهيات القانون فان الاثراء على حساب الغير والكسب غير المشروع له صور عديدة منها ان يسلم شخص مالا للغير معتقدا انه صاحبه وصورتها ايضا استفادة شخص من مال مملوك للغير او الجهات الحكومية دون سند قانوني ومنها ايضا اداء خدمات نافعة للغير دون التزام او حق. هذا المبدأ يفرضه المنطق والواقع وفكرة العدالة والمساواة في اطار العلاقة التنظيمية بين افراد المجتمع في الدولة هذه هي بديهيات الاطار القانوني والواقعي للعمل لمبدأ العدالة والمساواة في اطار دولة القانون والمؤسسات عندما ترفع الحكومة شعار الاصلاح بمفهومه الشامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني، وعندما تعلن الحكومة عن عزمها بتسريع وتيرة هذا الاصلاح بما ينسجم مع توجهات الاجندة الوطنية التي سينتهجها الوطن للسنوات المقبلة كما نفهم من ذلك فانها تعتبر برنامج عمل سياسي واجتماعي. ان التفسير الاولي لهذا الطرح اننا نقدر لهذه الحكومة سعيها الى مأسسة الاصلاح وذلك بمواصلة البناء والعمل والبناء ايضا على الانجازات الوطنية التي تحققت في المراحل السابقة في الدولة الأردنية. ان اول متطلبات الاصلاح هو توفير مناخ الاستقرار والامن وهذه الاسس هي من احدى النعم التي انعم الله بها على هذا الوطن وعلينا كمواطنين ان نحافظ بكل ما اوتينا على هذه المكتسبات الوطنية، وبالتالي فان متطلبات الاصلاح موجودة وبذلك نصل الى قاعدة انه لا يوجد اي تناقض بين الامن والحرية والعدالة والمساواة من جهة والاصلاح من جهة اخرى وان كلا منهما ركيزة ودعامة للاخر. الواضح ان هذه الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها الى درجة كبيرة في تنفيذ ما جاء بكتاب التكليف السامي من مهام ومجابهة ما ينتظر البلاد من تحديات في ظل التطورات المتسارعة في الداخل والخارج. هذه الوقائع والتطورات يمكن البناء عليها والتي بالنتيجة تقوى من ازر السلطات العامة في طرح موضوع الاصلاح بشكل جدي وتحديات كبيرة دون ان يكون لاي جهة اخرى مصلحة بتأخر هذا الطرح وعليه فاذا كانت الحكومة جادة في ذلك فعليها اولا اقرار قانون اشهار الذمة المالية وهو القانون والتشريع الذي يحاسب الجميع بدون استثناء وتكريسا لمبدأ مكافحة الفساد والفاسدين. لقد سبق ان طرح هذا القانون على مجلس النواب بدورته السابقة ولاقى معارضة كبيرة من بعض النواب حيث طالب بعضهم اثناء المناقشة الدستورية للقانون في مجلس النواب باستثنائهم من هذا القانون بحجة ان ذلك يشكل تدخلا من السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية وان من شأن هذا القانون ان يجعل النواب تحت رحمة السلطة التنفيذية، رغم عدم وجاهة هذا الرأي، فالمسألة لا تتعدى كونها مسألة عدالة ومساواة وليس تدخلا او تداخلا بين السلطات الدستورية في الدولة. ان استثناء اي كان من هذا القانون فيه تعدي كبير على مبدأ سيادة القانون بل ان النواب جميعا يجب ان يطالبوا بعمومية هذا القانون استنادا لمبدأ ان القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة فهي عامة تطبق على جميع المواطنين ومرده يعني انها تطبيق على من تنطبق عليه شروط القانون وهذا يستوجب عدم استثناء أيا كان من هذا القانون من المواطنين جميعا. ان قانون اشهار الذمة هو قانون يجب تطبيقه على الجميع وحتى الوزراء ورئيس الوزراء فمن يعمل في اطار العمل العام يجب ان لا يخاف من عمومية تطبيق هذا القانون وبالتالي فان استثناء اعضاء مجلس النواب من هذا القانون بحجة عدم وضع السلطة التشريعية تحت رحمة السلطة التنفيذية هي مسألة لا تستقيم واحكام القانون والدستور. ان ايجاد قانون لاشهار الذمة المالية فيه دعامة كبيرة للاقتصاد الوطني وركيزة اساسية لطمأنة المستثمرين المؤمنين بهذا الوطن قد يستغرب البعض اثارة هذا الموضوع في هذا الوقت ولكن نقول اين هي المشكلة عندما نكون بصدد تطبيق سيادة القانون فمن كانت يده نظيفة لا يمكن ان يخاف من تطبيق قانون اشهار الذمة المالية او اي قانون اخر لذلك نعتقد ان هذا القانون لا يقل أهمية عن قانون ضريبة الدخل او حتى قانون الاحزاب وقانون الانتخاب وقانون البلديات وذلك حفاظا على المال العام الذي هو ملك للشعب جميعا ويأخذ من دافعي الضرائب في اكبر جوانب ايراداته فهو قانون يمس كافة ابناء الوطن وكم سيكون لدى مجلس النواب وجاهة كبيرة في عقد ورشة عمل قانونية يدلي فيها اصحاب الخبرات من قانونيين ونواب واعيان ووزراء حاليون وسابقون دلوهم لنخرج بقانون عصري وحضاري لاشهار الذمة مستندين الى مبدأ عمومة تطبيق القانون والى مبادىء العدالة والمساواة لدى كافة افراد المجتمع في هذا الوطن. E-mail:[email protected]