هنالك بريق أمل يلمع خلف الاتصالات التي تجري الآن بين الحكومة العراقية من جهة وبعض فصائل المقاومة العراقية من جهة أخرى بغية وضع حد للنزاع الداخلي الدموي الذي يجري في البلاد. مبعث الأمل ان بعض هذه الاتصالات قد تؤدي بالفعل الى فتح نافذة جديدة للحوار بين السلطة العراقية والمقاومة في المستقبل القريب. هذه الاتصالات تعكس طبيعة النزاعات الداخلية في اي بلد التي تنتهي في نهاية المطاف الى محادثات ومفاوضات سلام بين المتنازعين. طبيعي ان يكون للمقاومة العراقية جدول أعمال سياسي معين يتجاوز المطالبة بانسحاب القوات الاميركية والأجنبية من الاراضي العراقية، كما أنه من الطبيعي ان يكون للمقاومة اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى ثقافية حول مستقبل العراق وحان الأوان لهذه الفصائل التي تقاوم الاحتلال بالإفصاح عن هذه البرامج والأهداف والغايات ان كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية ليطلع عليها الشعب العراقي برمته على مختلف توجهاته السياسية خاصة وأن العراق مقبل على حدثين مهمين اولهما صياغة دستور جديد للبلاد يعكس الواقع الجديد وينسجم مع الاعراف الدولية التي يعتبر العراق طرفا فيها. واما الحدث الآخر فهو المحاكمة المرتقبة للرئيس العراقي السابق صدام حسين والتي ستجري فيها محاكمة النظام العراقي السابق برمته بما في ذلك سياساته وأفعاله على مدى السنوات العديدة السابقة. حتى يظهر للملأ ما له وما عليه ويتجلى سجله الكامل حتى تصبح المحاكمة عادلة وشاملة تتوفر فيها جميع شروط المحاكمة العادلة. هنالك تحديات كبيرة يواجهها العراق الحديث وأهمها وحدته الجغرافية والشعبية والوطنية في آن بعد ان تمخض عن الاحداث الاخيرة فيه انقسامات عرقية واثنية ودينية خطيرة لم يشهدها العراق في السابق وعلى هذه الخلفية لا بد ان يبدأ الحوار البناء بين العراقيين انفسهم حول كيفية ادارة دفة الحكم في بلادهم كما أنه من الطبيعي ان لا يستمر النزاع الدموي الحالي الى ما لا نهاية ولا بد من ان ينتهي سفك الدماء ويعود العراقيون جميعا الى طاولة المفاوضات الوطنية لتحرير بلادهم من الاحتلال وتقرير مصيرهم بأنفسهم بأسلوب حضاري ديمقراطي في أقرب فرصة ممكنة وعلى هذا الأساس فإن صحت المعلومات عن بدء اتصالات ما بين الحكومة العراقية من جهة وفصائل المقاومة فان هذا يعني ان هنالك ضوءا ما في نهاية النفق المظلم الذي يلقي بظلاله حاليا على العراق.