نشرت صحف بريطانية وفرنسية معلومات حول قيام وزارة الخارجية الاميركية بانشاء مكتب (لاعادة الاعمار والاستقرار)، اوكلت اليه مهام التدخل في الدول التي تغزوها الولايات المتحدة عسكرياً، لتحويلها الى دول ديمقراطية!! وتضم قائمة الدول المرشحة 25 دولة ، واذا كانت الصحف لم تنشر اسماء الدول المرشحة، فإن ذلك لا يمنعنا من الاعتقاد بأن معظمها عربية واسلامية وهذا يعني اننا امام حروب متواصلة، سنشهد خلال الشهور القادمة، وربما الاسابيع القادمة. ما نشر يعني ان لدى الادارة الاميركية الحالية نوايا للتدخل ، وان انشاء ذلك المكتب، او تلك الدائرة، انما جاء نتيجة للفشل والتخبط الذي عانته الولايات المتحدة في العراق بعد غزوه، وكأنهم يتعلمون من اخطائهم ، ولا يريدون ان يتكرر ما حدث في العراق، خاصة بعد اضطرار الادارة الاميركية للاعتراف على لسان وزير دفاعها رامسفيلد، بأن الاميركيين وقوات التحالف غير قادرين على هزيمة المسلحين في العراق!! لقد تزامن نشر هذه المعلومات مع انتهاء انسحاب الجيش السوري من لبنان، ذلك الانسحاب الذي قوبل بالتشكيك من قبل الولايات المتحدة، ومن قبل الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان، الذي صرح بأن متطلبات القرار 1559 لم تنفذ كلها، وان ما يتعلق بتجريد حزب الله من السلاح لم ينفّذ!! في الوقت الذي صرحت فيه واشنطن بأن بعض اجهزة المخابرات السورية ما تزال في لبنان، وان لسوريا مخبرين من ابناء الشعب اللبناني !! ومعنى هذا في اوساط الادارة الاميركية ان قرار مجلس الامن لم ينفد بعد! وان سورية دولة مارقة تستحق العقاب بالغزو ، كالعراق!! بالامس حاسبوا العراق على النوايا، وحاصروه دون مبرر وغزوه بحجة امتلاكه اسلحة دمار شامل، على الرغم من انهم كانوا يعلمون يقينا انه لا يملك اي اسلحة دمار او برامج لها، ولكنهم كانوا دائماً يرددون ان لدى القيادة العراقية نية في اعادة احياء براج تسليحها. واليوم يحاسبون سورية بحجة ان لها في اوساط الشعب اللبناني مخبرين، او ان هناك من يناصرها في اوساط الشعب اللبناني، وهذه جريمة لا تغتفر في نظر الادارة الاميركية، وهي نقض لقرار مجلس الامن تستحق سورية من اجله الغزو والتدمير!! فهل نغالي اذا لم نستغرب ان يطلب من سورية القيام بتجريد حزب الله من سلاحه، كما طلب من العراق ان يدمر اسلحته، ويمول لجان التفتيش الدولية. ولا استغرب ان يتخذ مجلس الامن قراراً بذلك خلال الحقبة القادمة!! هذا الصيف صيف ساخن للعرب، فالاميركيون يريدون الهروب الى الامام بسبب ما يعانونه في العراق، والادارة الاميركية تريد دق المسمار الاخير في جسد آخر دولة عربية تمثل زاوية صغيرة من زوايا الرفض، ويمكن ان تشكل ازعاجاً لاسرائيل، حتى لو بخطابها الاعلامي... وتريد القضاء على حزب الله الذي استطاع ان يهزم الجيش الاسرائيلي ويطرده من جنوب لبنان، لما يمثله من جذوة الامل والمقاومة لابناء الامة العربية ... فالهدف هو اشاعة روح اليأس والاستسلام في اوساط ابناء الامة، للقبول باسرائيل دولة محورية سائدة في المنطقة. الامة مقهورة ، وكل دولة مشغولة بمشاكلها الداخلية ، ونهر الذل والتبعية قد بلغ الركب ، فهل بقي بصيص امل لشعوب هذه الامة؟ وهل تتحقق المعجزة في وقوف بعض الدول العربية الى جانب الدولة المستهدفة، حتى لو كان ذلك بالاعلان فقط؟؟
