اظهرت استطلاعات للرأي جرت في الولايات المتحدة هذا الشهر ان التأييد الشعبي الاميركي لقرار الحرب على العراق وللسياسات الاميركية في هذا البلد آخذان في التناقص، بل ان هذه الاستطلاعات اظهرت ان الرئيس بوش الأبن هو الآن الأقل تأييدا في رئاسته الثانية قياسا لما حصل عليه الرؤساء الاميركيون الذين فازوا بمثل هذه الرئاسة عبر التاريخ الاميركي كله. ففي استطلاع لصحيفة نيويورك تايمز وشبكة سي بي اس اظهرت النتائج ان 42% من الاميركيين يدعمون سياسة بوش في العراق بينما يعارضها 59% كما رأى 50% ان الولايات المتحدة تورطت في الحرب على العراق، وأجمعت استطلاعات الرأي على ان 33% من الاميركيين يرون ان بلادهم تسير في الاتجاه الصحيح بينما رأى 61% انها تسير في الاتجاه الخطأ وأشار استطلاع لصحيفة يو اس ايه توداي الى ان 52% من الاميركيين يرون ان الحرب على العراق لم تجعل اميركا اكثر أمانا في وقت طالب فيه 59% ممن شملهم الاستطلاع بانسحاب جزئي او كامل من العراق. نضيف الى ما سبق ان التحركات التي بدأت بطيئة ثم اخذت في التسارع في صفوف نواب جمهوريين وديمقراطيين يطالبون الادارة الاميركية بجدول زمني للانسحاب بينما يرفض وزير الدفاع الاميركي وقادته العسكريون الحديث عن مثل هذا الانسحاب، ومع ان توماس فريدمان واحد من اشد الناس تأييدا لهذه الحرب ومطالبة بتكرارها في عدد من الدول العربية والاسلامية، الا انه لم يجد امام ما يحدث في العراق الا التأكيد على ان «مشكلة اميركا في العراق لا تكمن في تدريب القوات العراقية الذي اصبح موضوعا مملا بل في قرار دونالد رامسفيلد احتلال العراق بدون تكاليف كبيرة.» ما يجري في العراق، وبالرغم من كل التعتيم على كل ما يجري يؤكد بوضوح ان الوصول الى تحقيق الأمن بالقوة لا يمكن ان يتحقق، وان العراقيين في ظل المواجهة الشرسة بين القوات الاميركية والبريطانية والعراقية من جهة وقوات المتمردين او فلول النظام او المتسللين الأجانب من الجهة الاخرى يجدون انفسهم بين خندقين يتبادلان اطلاق النار كما يتبادلان سفك دم العراقيين، وحرب كهذه لا يمكن ان تترك فرصة لحوار وطني بين العراقيين هو ليس في مصلحة الاميركيين والبريطانيين كما ان الطريقة التي يتعامل به هؤلاء مع الشعب العراقي لا تترك كوة مفتوحة للأمل او للأمن او للحرية، وهو ما يجعل الحديث عن الديمقراطية في العراق وعن احترام حقوق الانسان العراقي مجرد وهم امام معاناة العراقي القاسية وافتقاده التام لأبسط وسائل معيشته واحساسه بكرامته وانسانيته بينما تدمر مدنه ويقتل نساؤه وأطفاله وتدنس مقدساته ويعتقل أئمته وتتم تصفية علمائه واقتحام مقار احزابه ودور عيادته وحتى غرف مشافيه. تصاعد العنف في العراق بغض النظر عن الأسماء التي تطلق عليه، وبدء انحسار التأييد الشعبي الاميركي لسياسة المحافظين الجدد، سيقودان الى نهاية ليست بعيدة للقرار الخطأ وللسياسات الخطأ وللأوهام المضحكة التي وقفت وما تزال وراء العناد الاميركي في العراق. K mahadin @ hotmail. com